205

============================================================

الفن الثاني: فرق أهل القبلة كالشجرة تحركها الريح إلا أن الله خلق في الإنسان قوة بها كان الفعل، وخلق فيه إرادة الفعل واختياره منفردا بذلك كله، كما خلق له غذاءه وخلق سمنه، وخلق في الإنسان سرورا بذلك وشهوة له.

وبعض الناس يقول: إن قول المجبرة من أصحاب ضرار في المخلق هو هذا بعينه، إلا أنهم يزخرفون قولهم ويسترون على أنفسهم بأن يقولوا: إن العباد فاعلون لمايكون منهم من طاعة أو معصية على الحقيقة، وإذا حصل عليهم الكلام رجعوا إلى مقالة جهم.

وقد سألت أنا بعضهم في هذا الباب، وكثر الكلام بيني وبينه في منزل أبي عبد الله محمد بن المبارك، وكثر ما دار بيننا إلى أن قال: لا فرق بيني وبين جهم إلا في الألفاظ وذلك أن جهما لا يستي الذي يوجذ فيه الفعل المخلوق لله إذا أراده بإرادة الله خلقها، واختاره باختيار الله خلقه وكان موجودا باستطاعة الله خلقها، فاعلأ على الحقيقة، وأنا أسميه بذلك.

وزعم أن هذا هو الفرق أعني التسمية. فأما المعنى فلا فرق بيني وبين جهم. وقد صدق على نفسه وأصحابه فما يقول خصومهم، يريدون على جهم في الخطأ، وذلك أن ما قال جهم معقول أن لو كان كيف كان يكون. وقولهم محال، لا يتوهم؛ لأنه إجازة فعل من فاعلين، وخصومهم يقولون: إنه لا فرق بين ذلك أعني بين قول من قائلين، وخبر من مخبرين وفعل من فاعلين.

ويقولون: لو جاز أن يكون الفعل الواحد الذي لا ينقسم ولا يتجزا وليس بذي جهات هي غيره أو بعضه أو هي هو فاعلان على الحقيقة دون ما ذهب اليه جهم لجاز أن يفعل الفعل الواحد مرتين، ولجاز قول من قائلين، وكذث من كاذبين، وخبؤ من مخبرين.

Bogga 205