279

Maqaallada Tanahi

مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي

Daabacaha

دار البشائر الإسلامية بيروت

Daabacaad

الأولى

Noocyada

الهجرة وكتابة التاريخ الإسلامي (١) [١]
مكث رسول الله ﷺ بمكة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة، ثم أمره ربه بالهجرة إلى المدينة. وروى الشيخان في صحيحيهما أنه ﷺ قال: «رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب»، - وهلي، بفتح الواو والهاء: أي وهمي واعتقادي -.
وروى الشيخان أيضًا، ومالك في الموطأ أن رسول الله ﷺ قال: «أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد». وقوله: «أمرت بقرية»، أي أمرني ربي بالهجرة إليها. وقوله «تأكل القرى»، أي تغلبها، وكنى بالأكل عن الغلبة، و«تنفي الناس»، أي الخبيث الرديء منهم.
وقد اتخذ رسول الله ﷺ وأصحابه المدينة مستقرًا ومقامًا، وبدأ عهد جديد في الدعوة، سمي العهد المدني، أكمل الله فيه للمسلمين دينهم، وأتم عليهم نعمته، ورضي لهم الإسلام دينًا. وقد بدأ تاريخ الإسلام والمسلمين يعد ويحسب بالسنة الأولى من الهجرة.
ويقال إن أول من كتب التاريخ من الهجرة، عمر بن الخطاب ﵁ في شهر ربيع الأول سنة ست عشرة. وكان سبب ذلك أن أبا موسى الأشعري

(١) مجلة «الهلال»، يونيو ١٩٩٤ م.

1 / 293