وعلى الجملة فتلاميذ الشيخ والمنتفعون بعلمه لا يحصون، داخل مصر وخارجها، وكنت أرى كثيرًا من أبناء الدول العربية والإسلامية، بل من المستشرقين، يأتون إليه، ويجلسون في حلقته، ويا ليتني أحصيتهم عددًا، وقيدت أسماءهم وأسماء بلدانهم وأعمارهم، إحياء لسنن قديمة في تراثنا التاريخي، من ذكر الواردين على البلاد، والمرتحلين إلى الشيوخ.
وفي سنواته الأخيرة اختار شيخنا المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى السلام - مستقرًا ومقامًا، حيث دعي إلى هناك لمراجعة مصحف الملك فهد، وللتدريس بكلية القرآن بالجامعة الإسلامية.
وفي مساء يوم الخميس، وقبيل فجر يوم الجمعة الخامس من شوال سنة ١٤٠٨ هـ الموافق للعشرين من مايو سنة ١٩٨٨ م، اختار الله إلى جواره عبده وخادم كتابه: عامر السيد عثمان، وصلي عليه بالمسجد النبوي الشريف عقب صلاة الجمعة، ودُفن بالبقيع، مرحومًا مرضيًا عنه إن شاء الله.
اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعفُ عنه، واجعل كل ما قدَّمه من خدمة كتابك في موازينه يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا. وهيئ لهذه الأمة من يخلف هؤلاء الرجال العظام، ويقوم مقامهم، حياطة لدينك، وحفظًا لكتابك. إنك على ما تشاء قدير.
* * *