فلماذا العدول عن منة الله ورحمته إلى نقمة تيارات التيه، وإلى متى لا نعتبر بقوم من بني جلدتنا أضاعوا شبيبتهم في الدعاية الفارغة لتيارات اجتلبوها من الشرق أو الغرب، وجاؤوا كالمبشرين بها، ثم لم يجنوا منها إلا الفشل الذي عم بلادهم والنكد الذي ختموا بها حياتهم - بعد أن انحنت في سبيلها ظهورهم واشتعلت شيبا لأجلها رؤوسهم - عائذا بالله من سوء الختام.
إذا فخلط ما بين الإسلام والديمقراطية ضرب من ضروب التضليل الذي يصدق عليه أنه كذب عليهما معا، فليست حقيقة الديمقراطية بتلك التي تصور في أمتنا - مبتورة عن المنحى العقدي الضال الذي قامت عليه - ولا هي بالحل الحقيقي لبني الإنسان، كما يدعيه أنصارها عندنا، مما لم يدعه للديمقراطية أهل الإنصاف في مواطنها التي جلبت منها، كما أن الإسلام في عظمته وجلالة من كمله تعالى ليس بالوضاعة التي يجر من خلالها جرا ليتماشى مع تيار تائه سيرى الناس يوما سقوطه كما سقط ما قبله.
وإذا سقطت الديمقراطية فستتبين عند ذلك فظاعة الجناية التي ارتكبها من خلطوا الإسلام بالديمقراطية، حين عرضوا هذا الدين لأن ينسب للفشل - وحاشاه - لاقترانه بتيار لفظه الناس بعد أن تبدى لهم أن آمالهم فيه كانت {كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء} [النور: 39].
وهذا بعينه ما عرض الإسلام له من خلطوه بالاشتراكية الفاشلة التي هوت في سلة مهملات التاريخ بعد أن لفظها الناس.
وما تنبيه أهل العلم الشرعي على خطورة هذا الخلط بين الإسلام وتيارات التيه قبل سقوطها إلا إبانة للحقيقة من جهة، واستباق لكارثة وصم الإسلام بفشل لم يتسبب فيه من جهة أخرى.
Bogga 71