كيف أجد نفسي في منطقي وعقائدي وأسلوب عيشي وأهداف حياتي؟
كيف أجد نفسي في معاني السعادة والشقاء والثراء والفاقة؟
كيف أجد نفسي في معاني الخير والشر؟ •••
الوجدان هو التعقل.
اعتبر الكلب الذي يعيش معي في منزلي أن له وجدانا، أي أنه يجد نفسه ويزن مركزه، بحيث يعرف أنه لا يجوز له أن يتناول الطعام إذا كان في طبق آخر، ومكان آخر غير الطبق الذي يأكل منه والمكان المعين له، وهو يعرف أعضاء الأسرة وجغرافيا المنزل، ويهب على الغريب نابحا إلى أن نطمئنه عنه، وهو يستطيع أن يخرج ويجول في ثلاثة أو أربعة شوارع حول المنزل، وهذا هو كل وجدانه، أي: إنه يجد نفسه في هذه الحدود، ولكن وجداني أنا أكبر.
أعظم ما يزيد وجداني هو كلمات اللغة؛ لأن الكلمات أفكار، أنا «أجد» أني لست ساكنا في منزلي فقط، بل في مصر، وفي إفريقيا، وعلى هذه الكرة التي تدور حول الشمس، ويزيد وجداني أكثر لأني أعرف مركز الشمس في هذا الكون.
ثم إن لي وجدانا بالأخلاق أكثر من الكلب، وكذلك أنا على يقظة بالسياسة المصرية والعالمية، وعلى إحساس بالأخطار البشرية من الذرة، وعلى معان مختلفة من العقائد والعلوم والآداب.
وتطور الأحياء، منذ نبض طين السواحل بالحياة إلى ظهور الإنسان، إنما هو ارتقاء نحو الزيادة في الوجدان، أي التوسع الوجداني، وغايتي من الحياة هي زيادة الوجدان بزيادة معارفي واختباراتي وتعقلها.
ولم أعد أهتم بتلك الأسئلة القديمة التي كان يسألها الرهبان: ماذا وراء المادة؟ ماذا وراء الموت؟ ماذا وراء الكون؟
وأنا أجيب عليها جميعا بكلمتي ابن رشد: لا أدري.
Bog aan la aqoon