ترجمة الشهيد السعيد حميد المحلي رضوان الله تعالى
عليه منقولة بالنص من مقدمة تحقيق حدائقه الوردية لمحققه الدكتور المرتضى المحطوري :
مر في هذه الدنيا رجال حفروا تأريخهم في العقول ، ونقشوه في القلوب ، ورغم أن العظماء يتزاحمون في الذاكرة ويتنافسون على الصدارة إلا أن البعض منهم ينساب إلى القلب ، ويتسرب إلى العقل كأنه النسيم يحمل ريح الجنة ، ومن هؤلاء العظام الشهيد حميد بن أحمد المحلي [ هكذا ضبط ] رحمه الله ، الذي كان بطلا وفيا في زمان الغدر والجبن ، فقد أبى إلا أن يموت شهيدا تحت راية الإمام الزاهد والعادل المجاهد الشهيد أحمد بن الحسين الملقب بأبي طير ... إلى قوله : إن الشهيد حميد بن أحمد المحلي يشبه الصحابي الجليل والشيخ الوقور عمار بن ياسر الذي قتل شهيدا تحت راية إمامه علي بن أبي طالب ، وقد روي أن رأس الشهيد حميد كان يتكلم بالأذان وهو مقطوع ، فإذا صحت هذه الكرامة فإنما هو يتأسى برأس النبي يحيى بن زكريا .
إن الشهيد المحلي بوأه الله مع الشهادة كرامة العلم فكان طودا شامخا وعلما بارزا ، وأكرمه بكرامة الولاء لأهل البيت الطاهر وهي مكرمة لم يكتسبها عن بيع ولا شراء وإنما ورثها عن آباء كرام وسلف صالح ؛ رضعها من ثدي أمه الطاهر ، ولمثله يصدق قول القائل :
لا عذب الله أمي أنها شربت *** حب الوصي وأسقتنيه في اللبن
وأن لي والدا يهوى أبا حسن *** وأنني مثله أهوى أبا حسن
ثم إنه تبوأ كرامة المصاحبة لأئمة العلم والجهاد من آل البيت عليهم السلام ونهل من علومهم وتشبع بأخلاق الوصي التي ورثها لهم فكأنه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ووصيه وسبطيه والزهراء وجها لوجه ينظر إلى خمسة الكساء من خلال المهدي أحمد بن الحسين سلام الله عليه فالشهيد المحلي خط طريقه عن قناعة ، إنها قناعة المؤمن التقي الحازم ، خط عمار وأبي ذر والشتر وقيس بن سعد ، خط الرجال الأوفياء الذين ما سال ولا يسيل لعابهم لمتاع الدنيا ولهوها ولم يخدعوا بمكرها وسحرها ، إنهم أهل الله وحملة لواء المعروف والوفاء والشهامة والنبل والزهد والفطنة والقناعة والتواضع والشجاعة ، وحري بهم أن ينشد فيهم :
إن لله عبادا فطنا *** طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا *** أنها ليست لحي وطنا
تركوها لجة واتخذوا *** صالح الأعمال فيها سفنا
إن هذا القديس الذي ألف ( الحدائق الوردية في تأريخ الأئمة الزيدية ) أراد أن يجاهد لنصرة آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسنانه ولسانه وبنانه وبيانه ، فكتبه الله شهيدا فأجرى ذكر الشهيد على الألسن فصار لا يعرف إلا بالشهيد حميد .
وقد أجرى الله القبول والاستحسان لهذا الكتاب النفيس والثروة الضخمة والمخزون الذي يحوي من تأريخ أئمة آل البيت عليهم السلام وأيامهم ووقائعهم وشعرهم ونثرهم وغزير علمهم وعجائب عدلهم وشدة تحرجهم عن متاع الدنيا وعزوفهم عن ملذاتها وما كابدوا من مكائد ولاقوا من شدائد ما يجعله أنفس من كنوز سليمان ، وما حوته خزائن بني عثمان .
نسب المؤلف : حميد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الوهاب بن عبد الرزاق بن إبراهيم بن أبي القاسم بن علي بن الحسن بن إبراهيم بن محمد بن يزيد بن يعيش المحلي الوادعي الصنعاني الهمداني .
مشائخ المؤلف :
أخذ عن أئمة كبار ومشائخ بحار منهم :
1- الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة .
2- محمد بن أحمد بن الوليد القرشي .
3- أحمد بن الحسن الرصاص .
4- الفقيه علي بن أحمد الأكوع .
5- الشيخ عمران بن الحسن الشتوي .
6- الفقيه عمرو بن جميل النهدي .
7- الشيخ تاج الدين زيد بن أحمد البيهقي . القادم إلى اليمن عام عشر وستمائة .
8- المرتضى بن شراهنك الحسني المرعشي .
تلاميذه :
1- ولده أحمد حميد .
2- يحيى بن القاسم الحمزي .
3- يحيى بن عطية .
4- عبد الله بن زيد العنسي .
مؤلفاته :
خلف الشهيد حميد رحمه الله ثروة ضخمة من المؤلفات النفيسة منها :
1- عمدة المسترشدين في أصول الدين 3 أحزاء .
2- محاسن الأزهار في فضائل إمام الأبرار .
3- مناهج الأنظار العاصمة من الأخطار .
4- الرسالة الكاشفة عن لوازم الإمامة لطالب الأمن في القيامة .
5- العقد الفريد .
6- الوسيط المفيد الجامع بين الإيضاح والعقد الفريد .
7- الرد على المجبرة .
8- الحسام البتار في الرد على القرامطة الكفار .
9- نصيحة الولاة الهادية إلى النجاة .
10- الرد على المطرفية .
11- الثعبان النفاث بهلاك أهل المسائل الثلاث .
وفاته :
استشهد رحمه الله في يوم الجمعة 12 رمضان 652 ه ، ومشهده بقرية الرحبة من مديرية السود بمحافظة عمران ، وتبعد عن صنعاء 87 كم شمالا ، وقد كتبت على مشهده أبيات للإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين في رثاء الشهيد وهي :
وقفت بمشهد السهم الشهيد *** حميد بن أحمد النجل السعيد
فتي ساد العلى وبنى المعالي *** وأرسى سامي الضرف المشيد
فظفر بالشهادة يوم حانت *** منيته فقدس من شهيد
أما حذر الذي لاقى حميدا *** كؤوس الموت من نار الوقيد
لقى من قاتليه بغير جرم *** كما لاقى ابن حيدر من يزيد
وشابهه ابن ملجم في مراد *** وظاهاه قدور في ثمود
وما نقم الخوارج من حميد *** سوى الإيمان بالله الحميد
ونشر العلم في يمن وشام *** وطمس رسوم إبليس المريد
وتعظيم الأئمة من علي *** ونشر علومهم نشر البنود
أقام قناة مذهبهم وجلى *** دجى الآفاق من شبه الأسود
وبعد القتل قد شهدت عداه *** بأن الرأس أذن في الجنود
فبل الله تربته بعفو *** وكافاه بجنات الخلود
قلت : وأما الإمام الشهيد أحمد بن الحسين بن أبي البركات عليه السلام الذي استشهد الشهيد حميد تحت رايته فكراماته ظاهرة ، منها ما لمسته أنا عند زيارة قبره في ذيبين محافظة عمران ( الذي أغلقت قبته منذ شعبان في تداعيات أحداث الحوثي من قبل مسئول في المجالس المحلية !!! ) فالرائحة الزكية تفوح من القبر ، وحتى مع إغلاق القبة ما أن تفتح إحدى الطاقات الصغيرة النافذة إلى الجامع من القبة إلا وتشم الرائحة الزكية !!
أرجو أن تكون الترجمة وافية بما تريده أخي الكريم ويريده جميع أخواننا ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وعلى أشياعهم المخلصين آمين اللهم آمين .
Bogga 104