11 ول1 17 1 الماء البلاط التوذ مقالات وسد في تثريه الله كن البه 1 والمكان والبد
تاليق نزار كمالي ويليه الكنقاه اقل السذة وكلماء الأمة تآليف الشيخ الإمام أبي محمد عبد الله بن محمد المرجاني التونسي (ت 699ه) الورسالة في كفايه اهل الستة تآليف الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد الغماري التونسي (ت 1119ه) ونلخم كقيالة اهل السنة تاليف الشيخ العلامة أبي الحسن علي الغماد التونسي (ت1090ه) العقيالة المنورلة في معنق الساطات الآنتالكرلة تاليف الشيخ العلامة أبي الحسن علي النوري الصفاقسي (ت 1618ه) تهقيق نزار حماي حادبالاهله بابر كوفة و
Bogga 1
============================================================
1 ا1 الالبر ~~س
Bogga 2
============================================================
بشي الله الرݣمن الرحيه الحمد لله المنفرد بوجوب الوجود والبقاء والقدم، المتفضل بإبراز الكائنات إلى الوجود من العدم، المتعالي في ذاته عن قبول الأين والكيف والكم، المنزه في جلاله عن الخضوع لسجني المكان والزمن.
أخمده أن شرح صدورنا للإشلام، وهدى قلوبنا للايمان، ووفقنا لمغرفته بالدليل والبزهان، وأشهد أن لا إله إلا الله الغني عن كل ما سواه، المفتقر إليه كل ما عداه، الواحد الذي لا شريك له فلا نعبد إلا إياء..
وأشهد أن سينا ومؤلانا محمدا عبده ورشوله المخصوص بجوامع الكلم، الذي آرشدنا إلى الحقائق الايمانية بالنص المحكم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وشرف وكرم.
وبعد، فإن الواجب على كل عاقلي - خحصوصا في هذا الزمان - أن يهتم لدينه، وينظر لعواقب أمره، وأن يصحح إيمانه في كل ركن من أزكان عقيدة أهل السنة، ويتخذها وقاية من الضلال وجنة، وأن يعتصم من مقتضيات المعقول والمنقول بالحبل المتين، ومن سير الأولين وعقائدهم بالمنهج اليبين
Bogga 3
============================================================
وإن منهج أهل السنة الأشاعرة في أصول الدين لهو المنهج الحق الذي 2
قامت على صحته الحجج الباهرة، والمعتقد الصدق الذي نصرته البراهين ريو القاطعة، فقد جمع أصحابه بئن نتائج المعقول وقضايا الشرع المنقول، وتحققوا و و7و بأن النطق بما تعبدوا به من قول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" يقتضي إثبات جملة من القواعد والأصول، وعلموا أن كلمتي الشهادة على إيجازها تتضمن اثبات ذات الإله سبحانه، وإثبات صفاته، وإثبات أفعاله، وإثبات صدق الرسول ، فعلموا أن كل ركثن من هذه الأربعة يدور على ملة من الأصول.
9471 0 فأما الركن الأول - وهو إثبات ذات الإله تعالى - فيدور على المعرفة و وو بوجوب وجوده تعالى، وقذمه، وبقائه، وآنه سبحانه ليس بجسم، ولا جرم، ولا 5 و- 9 عرضي، وأنه ليس مختصا بجهة، ولا مستقرا بمكان، وأنه واحد أحد، فرة صمد؛ 2ر42
وليس كمثله شحن؟} [الشورى: 11]، ( ولم يكن له كفوا أحد (4)) (الاخلاص:4].
وأما الركن الثاني - وهو إثبات صفاته تعالى - فيدور على العلم بكونه تعالى
..
24 منزها عن قبول الحوادث، وأن له صفات قديمة أزلية قائمة بذاته العلية، لا هي هو، ولا هي غيره، بمعنى أنها ليست عين ذاته، ولا هي مفارقة أو منفكة عنها، وهي: الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام، وإليها ترجع- على التخقيق - جميع الكمالات الربانية من الحكمة والعلو والرفعة 041 والمحد والعظمة والجلال والإكرام وغيرها بما لا حد له ولا حضر:
Bogga 4
============================================================
وأما الركن الثالث - وهو إثبات افعاله تعالى - فيدور على أن جميع المخلوقات -59 المخرجة من العدم إلى الوجود محصصة بإرادته الأزلية الواحدة، صادرة عن قدرته القديمة القاهرة، فأفعاله تعالى منرهة عن الأغراض الحادثة الحاملة على الإقدام أو الإحجام، مبرئة عن العلل الطارئة الدافعة للايجاد أو الإعدام.
ه فهو تعالى متفضل بالخلق والإبداع والاختراع والتكوين، متكرم على الخلق
بإرسال الرسل وإنزال الكتب والوحي للنبيين، كل ذلك بمقتضى تعلق علمه 09 وإرادته وقدرته التي وجب لها كذاته العلية القدم والوحدانية، لا بأمور حادثة قامت بذاته أوجبت انفعاله وتغيره، فإن ذلك من شؤون المخلوقات المنحطة عن رتبة الإلهية.
254و11 وأما الركن الرابع - وهو صذق الرسول فيدور على إثبات حقية ما أخبر به من الأخكام الشرعية، وأن فيها - لا في غيرها - صلاح أحوال البشرية، وإتبات صدق الأخبار النبوية، كالحشر والنشر وفناء العوالم العلوية والسفلية، وإثبات آمانته واستحالة خيانته، وإثبات تبليغه لجويع ما آمره الله تعالى
بتبليفه للخلق، واستحالة كتمانه لشيء من ذلك.
و1 فهذه أبرز الأركان الإيمانية التي عليها يقوم دين الإشلام، وهي التي بلغها بأكمل البيان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ومضى عليها الصحابة والتابعون، ثم سار عليها السلف الصالحون، ثم دعمها وقواها ودفع كل الشبه عنها أفل السنة المعروفون بالأشاعرة، فحمؤها من تخريف الغالين، واتتحال المبطلين،
Bogga 5
============================================================
وتأويل الجاهلين، فكانت سببا أساسيا لتوحد المسلمين، واجتماع كلمتهم على الحق المبين: فضل وقد ظهرت حاجة المسلمين في هذا العصر أكثر من أي وقت مضى إلى استرجاع وحدتهم واثتلاف كلمتهم، نظرا لما حصل لرابطتهم من تمزق، ولأمرهم من تشتت، ولكلمتهم من تفرق، ولا شك أن أقوى شبل تحقيق الوئام وتحصيل الاتفاق والانسجام بينهم هو الاجتماع على أصول العقائد المهمة التي تشكل المرجعية الأساسية لكل ما يصدر عنهم من الأقوال والأفعال، إذهي الأمهات والأصول التي تنبني عليها سائر الفروع.
وقد كانت البلاد التونسية بعد الفتح الإسلامي واحدة من البلدان التي تجلت فيها مظاهر الوحدة العقدية، وارتفعت عنها فتن الفرق والطائفية، وذلك بما هيأ الله تعالى لها من العلماء الأفذاذ الذين حازوا قصب السبق في المعقول والمنقول، فحققوا العلم بالقواعد والأصول، ودانوا لله تعالى في المسائل الايمانية بمقتضى الكتاب والشنة، واتفقوا على ارتضاء منهج السادة الأشاعرة في تقرير العقائد المهمة، بل وكان لهم الفضل الكبير في تقويته وترسيخه في أقطار الغرب الاسلامي عامة، وبذلك توحدت عقيدة جمهور المسلمين شرقا وغربا، حتى صار الكتاب يصنف بنيسابور ويشرح في الأندلس، واصطبغت عقيدة أهل المذاهب السنية الأربعة بصبغة واحدة وهي عقيدة أهل السنة الأشاعرة.
Bogga 6
============================================================
وإلى هذه الحقيقة الجلية أشار الإمام تاج الدين السبكي بقؤله: "الحتفية والشافعية والسمالكية وفضلاء الحتنابلة - ولله الحمد - يد واحدة كلهم على رأي أفل السنة والجماعة، يدينون الله تعالى بطريق شيخ السنة أبي الحسن الأشعري الله، لا يحيد عنها إلا رعاع(1) من الحنفية والشافعية لحقوا بأهل الاغتزال، ورعاع من الحنابلة لحقوا بأهل التجسيم، وبرأ الله السمالكية فلم نر مالكتا إلا أشعريا عقيدة"(2).
وتعتبر البلاد التونسية بوصفها على مذهب السادة المالكية في الفروع من البلدان التي برئت بفضل الله تعالى من تسرب الفتن الاغتقادية إليها، فحفظت من الانقسام والتفرق والطائفية، وبقيت متمسكة بمذهب أهل التنة السنية، فلم ير فيها من العلماء إلا أشعريا عقيدة، واستمر استنتاج الإمام التاج السبكي منطبقا على أعلامها إلى عصرنا هذا ولله الحمد والفضل فصل ولعل من أبرز أشباب ذلك التوافق التونسي مع العقيدة الأشعرية أسبقية علماء القيروان في تقرير القواعد العقدية السنية التي نصرها فيما بعد الإمام أبو الحسن الأشعري (ت 327ها، وذلك ببركة قرب سندهم الديني بامام دار (1) رعاع الناس: سقاطهم وسفليهم. (لسان العرب، مادة: رعع) (2) معيد النعم ومبيد النقم (ص 75)
Bogga 7
============================================================
الهجرة النبوية الإمام مالك ره الذي قال فيه النبي: "ئوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل، يطلبون العلم، فلا يجدون أحدا أغلم من عالم المدينة".
ومن آبرز حلقات ذلك السند الامام سحنون بن سعيد التنوخي صاحب "المدونةه الذي ولد سنة (160ه) وتوفي سنة (240ه)، فقد كان كما قال "أبو العرب" في طبقاته: "أول من شرد أهل الأهواء من المسجد الجامع، وكان فيه حلقات للصفرية والإباضية مظهرين لزيغهم، وكان حافظا للعلم، ولم يكن يهاب سلطانا في حق يقيمه، لقي في الفقه ابن القاسم وأشهب وغيرهما، ولقي في الحديث سفيان بن عيينة، وابن وهب، وأنس بن عياض، ووكيع بن الجراح، وعبد الرمن بن مهدي، ويزيد بن هارون، والوليد بن مسلم، وغيرهم(1).
فهذا النص يظهر أسبقية الإمام سحنون في الدفاع عن عقيدة أهل السنة التي أخذها عن الإمام مالك وعن أعيان السلف المذكورين، وقد كان ذلك قبل ولادة الإمام أبي الحسن الأشعري.
ثم انتقل علم الإمام سحنون إلى ولده الامام محمد بن سحنون المتوفى سنة (255ها، فقد سمع من آبيه الذي كان يتفرس فيه الإمامة حتى قال: "ما أشبه إلا بأشهب"، ورحل إلى المشرق سنة (و 3رها فلقي جماعة منهم أبو مصعب الزهري صاحب الإمام مالك، وجلس إليه المزني صاحب الإمام الشافعي ولتما (1) طبقات علماء تونس، (ص 102،686)
Bogga 8
============================================================
خرج قيل له: كيف رأيته؟ فقال: لم أر - والله! - أعلم منه ولا أحد ذهنا، على حداثة سنه(2).
والمتصفح للكتب التي تحدثت عن سيرة الامام محمد بن سحنون يستخرج منها ما يفيد أنه كان من أوائل الذين دافعوا عن القواعد العقدية الشنية التي تدور عليها أبرز المسائل الخلافية بين أهل السنة وغيرهم، وهي القواعد التي قررها فيما بعد الإمام أبو الحسن الأشعري: ومن النصوص المهمة في ذلك قول "الخشني": لمحمد بن سحنون كانت له أوضاع في المناظرة في فقه الفقهاء في كلام المتكلمين، قال له سليمان الفراء(2 المعروف بابن أبي عصفور: "يا أبا عبد الله! الله سمى نفسه؟" أراد بذلك أن يقول له نعم، فيثبت عليه الاقرار بحدوث الأسماء والصفات، فقال له ابن سحنون: الله سمى نفسه لنا، ولم يزل(3) وله الأشماء الحشنى"(4).
فهذا الرد المحكم الوجيز تندرج فيه قاعدة إيمانية عظيمة وهي وجوب قدم الصفات الوجودية القائمة بذات مولانا ع، واستحالة الحدوث على شيء منها (1) راجع رياض التفوس للمالكي (ج 6/ ص 449) (2) هو: سليمان بن أبي عصفور المعروف بالفراء، كان يقول بخلق القرآن، وكان من أهل الجدل والمناظرة في ذلك، رحل ودخل بغداد وله كلام في مشكل القرآن وكتاب ألفه فيه، وسمعت من يذكر أنه سلخه من كتاب مشكل القرآن لقطرب النحوي، وله كتاب في أعلام النبوة، وله كتب في مذهبه في خلق القرآن. (طبقات علماء إفريقية، ص 279) (3) وعبارة "لم يزل" تفيد القدم.
(4) طبقات علماء إفريقية، (ص 198)
Bogga 9
============================================================
مطلقا، ومنها صفة الكلام التي هي مرجع الأسماء الحسنى لأن الله عج سمى نفسه بكلامه القديم الأزلي، ويتفرع عن هذه القاعدة جل المباحث التنزيهية، وسيظهر أثرها فيما ينقل بعد عن أئمة المالكية كالإمام سعيد بن الحداد والإمام ابن أبي زيد القيرواني وغيرهما.
ومن النصوص المهمة أيضا الدالة على رسوخ قدم الامام محمد بن سحنون في علم أصول الدين الذي يعتني بالدفاع عن القواعد الإيمانية التي جاء بها القرآن العظيم والسنة النبوية بالحجاج العقلي، ما حكاه صاحب كتاب "رياض النفوس" اذ قال: كان يصحب محمد بن سحنون ويطلب عليه الفقه وعلم الكلام والحلال فتى يعرف بأبي الفضل بن حميد، أخو علي بن حميد الوزير، ولم يكن في علم الجدل بالماهر، فخرج إلى الحج فمر بمصر، فدخل حماما بها، فإذا عليه رجل يهودي، فلما خرج من الحمام أقبل يناظر اليهودي، فلما رجع دخل على محمد بن سحنون، فهابه أن يذكر الحكاية، فقضى الله تعالى أن خرج محمد بن سحنون على إثر ذلك إلى الحج، فصحبة ذلك الرجل إلى مصر، فمضى به إلى الحمام الذي عليه ذلك اليهودي، فلما خرج ابن سحنون سبقه ذلك الرجل بالخروج، فأنشب المناظرة مع اليهودي، فلما خرج ابن سحنون وجدهما يتناظران، وقد استعلى اليهودي على الرجل بكثرة الحجاج والمناظرة بالباطل لضعف الرجل وقلة معرفته بالمناظرة، فدخل معهما محمد فيما هما فيه، ورجعت المناظرة بين اليهودي ومحمد بن سحنون حتى حضرت صلاة الظهر، فأقام محمد الصلاة وصلى، وعاد إلى المناظرة حتى حضرت صلاة العصر، فأقام محمد الصلاة وصلى العصر، ثم عاد إلى المناظرة فلم
Bogga 10
============================================================
يزل إلى صلاة المغرب وقد اجتمع الناس إليهما من كل موضع، وشاع ذلك بمصر، وقال الناس بعضهم لبعض: امضوانسمع المناظرة بين الفقيه المغربي وبين اليهودي، فلما كان عند صلاة المغرب انحصر اليهودي وانقطع عن الحجة، وظهر عليه ابن سحنون بالدلائل الواضحة والحجة البالغة.
فلما تبين اليهودي الحق بالبرهان وأراد الله ع هدايته قال عند ذلك: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله"، فأسلم وحسن إسلائه، فكير الناس عند ذلك وعلت أصواتهم بالتكبير، وقالوا: "أسلم اليهودي على يدي الفقيه المغربي" فقام محمد وهو يمسح العرق عن جبينه، ثم رد وجهه إلى صاحبه وقال: "لا جزاك الله خيرا عني"، ولامه أشد اللوم، وقال له: "كاد أن تجري على يديك فتنة عظيمة، كيف تأت إلى رجل يهودي تناظره وأنت ضعيف المناظرة والجدل؟! فإذا رأى من أراد الله عى فتنته هذا الذي كان يهوديا قد غلبك واستظهر عليك بباطله أدخلت عليه الفتنة، وداخله الشك في دينه. فلا تكن لك عودة لمثل هذا، وتب إلى الله عل من ذلك، ولولا أني خفت الفتنة على الناس أن يداخلهم شك في دينهم ما ناظرته(1).
فهذه المناظرة تدل على أن الإمام محمد بن سحنون كان من أوائل أئمة علم أصول الدين في القيروان، وما ظهوره على اليهودي الذي أسلم وحسن إسلامه (1) رياض النفوس للمالكي (ج1/ ص456)
Bogga 11
============================================================
إلا باتقانه لمسائل الإلهيات والنبوات التي خالف فيها اليهود، ولا يمكن الحسم فيها إلا بالحجج العقلية والأدلة البرهانية.
فصل ومن أئمة القيروان الذين كان لهم دور بارز في الدفاع عن عقيدة أهل السنة الإمام أبو عشمان سعيد بن محمد بن الحداد (ت 302ه)، فقد كان كما قال المالكي في "ارياض النفوس" : "علما ثقة في الفقه والكلام والذب عن الدين والرد على فرق المخالفين للجماعة، من أذهن الناس وأعلمهم بما قاله الناس، صحب سحنونا وسمع منه، وله مقامات مشهورة مع بني عبيد لعنهم الله"(1).
كان الإمام سعيد بن الحداد القيرواني يقول: لاما من شيء أحب إلي من دفع الضلال بالحق، ولو أن ضلالة القاها إبليش اللعين بالصين ثم وردت علي لكشفت عن باطلها، وأظهرث حق الله سبحانه وتعالى فيها"(2).
ومن مناظراته التي يقرر فيها إحدى قواعد العقائد الشنية، والتي كان لها الأثر الكبير في التمييز بين فرق المسلمين، تلك المناظرة التي يثبت فيها قدم صفة الكلام القائم بذات الله ع، وأنه صفة واحدة كشأن بقية الصفات الذاتية من العلم والقدرة والإرادة والحياة وغيرها، مباينا في ذلك لنفاة الصفات الوجودية (1) راجع رياض التفوس (ج3/ ص57، 58) (2) رياض التفوس (ج3/ ص69) ل
Bogga 12
============================================================
أصلا كالشيعة والمعتزلة، ومباينا أيضا لمن أثبتها محدثة متجددة تقوم بالذات العلية شيئا فشيئا كالكزامية والمجسمة والمشبهة ومن تبعهم.
وفي هذه المناظرة يقول الإمام أبو عثمان سعيد بن الحداد: لاجرى ذكر تكلم الله تعالى لموسى *ليتل فقلت: ممن سمع موسى الكلام؟
قال ابن الأشج: من الشجرة.
قلث: من ورقها أو لحاءها (1)؟
قال أبو عثمان: فوالله ما درى أحد من أهل المجلس مرادي - فيحما ظهر لي- إلا الأمير، فبدر فقال لابن الأشج: اسكت ويلك! خوفا أن يجيب فيجب عليه قيل لأبي عشمان: ما أردت - أصلحك الله - بهذا الكلام؟
فقال: لأنه كل ما صرح فقال بأنه من الشجرة على الحقيقة كفر وزعم أن الله القتل.
تبارك وتعالى لم يكلم موسى، وأنه لم يفضله بكلامه.
قال: ثم حول الأمير وجهه إلي فقال لي: أقول لك كما قلت لابن طالب: لا أقول مخلوقا ولا غير مخلوق.
قال: فقلت له: لم؟
قال: لأن الله تعالى قال: كلامي، ولم يقل مخلوقا ولا غير مخلوق.
(1) لحاء كل شجرة: قشرها
Bogga 13
============================================================
قال: فقلت له: فإن قال غيرك مثل ما قلت في علم الله سبحانه فقال: إن الله لم يقل مخلوقا ولا غير مخلوق، وسلك في العلم مسلكك في الكلام؟!
قال: فقال: والله لوقال ذلك أحد لقسمته بسيفي: قال فقلت له: ولم؟
قال: لأنه لو كان مخلوقا لكان قبل أن يخلق العلم جاهلا؛ لأن ضد العلم الجهل.
قال فقلت له: فكذلك لا يقال في الكلام مخلوق لأنه لو كان مخلوقا لكان موصوفا قبل خلقه بضده وهو الخرس، ومالزم في العلم لزم مثله في الكلام.
ودليل آخر: إن العلم لا يعدو إحدى منزلتين: - إما أن يكون صفة فعل كان من الله عي، فمن شك في خلق ذلك فهو كافر(2).
اواما أن يكون صفة ذات](2) كعلم الله وقدرته، ومن شك فلم يذر ذلك مخلوق أو غير مخلوق فهو كافر.
والكلام لا يعدو هاتين المنزلتين، فالواقف شاهد على نفسه بأنه تارك للقول الحق حتما"(3).
(1) وهذا واضح لأن كل مفعول مخلوق، أي موجود بعد العدم. وهذا يبين خطر القول بأن الكلام القائم بذات الله تعالى صفة فعلية حادثة بذاته، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
(2) هذا النقص من الكلام يقتضيه السياق والتقسيم.
(3) رياض النفوس (ج2/ ص72، و()
Bogga 14
============================================================
وهذا البرهان العقلي على استحالة حدوث صفة الكلام القائم بذات الله عخلى هو نفس الدليل الذي أورده فيما بعد إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري في "اللمع" قائلا: "ودليل آخر على أن الله تعالى لم يزل متكلما أن الكلام لا يخلو أن يكون قديما أو محدثا ، فإن كان محدثا لم يخل أن يحدثه الله في نفسه، أو قائما بنفسه، أو في غيره، ويستحيل أن يحدثه في نفسه؛ لأنه ليس بمحل للحوادث"، ثم بين الإمام الأشعري فساد بقية الاحتمالات كما فعل الإمام ابن الحداد، وقال: "وإذا فسدت الوجوه التي لا يخلو الكلام منها لو كان محدثا صح أنه قديم، وأن الله تعالى لم يزل متكلما"(1).
فصل ومن علماء القيروان الذين كان لهم أيضا دور بارز في تشبيت عقيدة أهل السنة الأشاعرة في تونس خاصة والغرب الإسلامي عامة الإمام أبو تحمد عبد الله بن أبي زئد القيرواي الله، فقد كان إماما في علم أصول الدين الشني، موافقا لما عليه الإمام الأشعري وكبار أصحابه، بل إن لسان الأمة وسيف السنة القاضي أبا بكر بن الطيب الباقلاني الأشعري يعده من أشياخه (2).
ومن الأدلة على إمامة ابن أبي زيد في علم الأصول على مذهب أهل السنة الأشاعرة قول الإمام عبد الجليل الربعي القيرواني في كتابه الذي شرح به تمهيد (1) اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع، (ص 20) (2) ذكر ذلك في كتاب البيان عن الفرق بين المعجزات والكرامات والحيل والكهانة والسحر والنارنجات (ص5) المكتبة الشرقية - بيروت 1958م ول
Bogga 15
============================================================
القاضي الباقلاني وسماه "التسديد في شرح التمهيد": "إذا وجدنا لمثل الشيخ ابي محمد بن أبي زيد كلاما يحتمل الخطأ ويحتمل الصواب لم يجب أن نحمل كلامه على الخطاء بل نحمله على الصواب أولى، وليس ذلك بحفظه المسائل والفتاوى برؤوسها، لكن لتما علمه من النظر وما يبين أنه مفارق لكثير ممن أدر كناه من مقلدة الفقهاء، وذلك أني رأيت بخطه الكلام على أن الأغراض لا تبقى، واقامته الدليل على ذلك، وهذه المسالة آشد ما ينكره المقلدة من الفقهاء من علم الأصول ويبعدونها، فلذلك وما أشبهه من تصنيفاته قلنا: إنه من أفل النظر(1).
وأيضا فقد قال الحافظ ابن عساكر في كتابه الجليل: "تبيين كذب المفتري على الإمام الأشعري": "ومن الشيوخ المتأخرين المشاهير أبو محمد ابن أبي ووو9 زئي، وشهرته تغني عن ذكر فضله، اجتمع فيه العقل والدين والعلم والورع، وكان يلقب بلامالك الصغير"، وخاطبه من بغداد رجل معتزلي يرغبه في مذهب 2 الاعتزال، ويقول له: إنه مذهب "مالك" وأصحابه ، فجاوبه بجواب من وقف عليه علم أنه كان نهاية في علم الأصول (2).
ثم ذكر الحافظ ابن عساكر طرفا من رد الإمام ابن آبي زيد على ذلك المعتزلي فقال: "وقد قرآت بخط علي بن بقاء الوراق المحدث المضري رسالة كتب بها أبو تمحمد عبد الله بن أبي زئد القيرواني الفقيه السمالكي - وكان مقدم أصحاب مالك بخالليه بالمغرب في زمانه - إلى علي بن أحمد بن إشماعيل (1) التسديد في شرح التمهيد (مخ/ق 87/ ب) (2) تبيين كذب المفتري على الإمام الأشعري (ص 122)
Bogga 16
============================================================
البغدادي المعتزلي جوابا عن رسالة كتب بها إلى السمالكيين من أهل القيروان، يظهر نصيحتهم بما يذخلهم به أقاويل أهل الاعتزال، فذكر الرسالة بطولها في
جزي، وهي معروفة، فمن جملة جواب ابن أبي زئد له أن قال: "ونسبت ابن كلاب وو9 إلى البدعة، ثم لم تحك عنه قولا يعرف آنه بدعة فيوسم بهذا الاشم، وما علمنا من نسب إلى ابن كلاب البدعة، والذي بلغنا أنه يتقلد السنة ويتولى الرد على الجهمية وغيرهم من أهل البدع. يغني عبد الله بن سعيد بن كلاب.
وذكرت الأشعري فنسبته إلى الكفر، وقلت: إنه كان مشهورا بالكفر. وهذا ما علمنا آن أحدا رماه بالكفر غيرك، ولم تذكر الذي كفربه، وكيف يكون مشهورا بالكفر من لم ينسب هذا إليه آحد علمناه في عضره ولا بعد عضره؟! وقلت: إنه قدم بغداد ولم يقرب آحدا من السمالكيين ولا من آل حماد بن زئد لعلمه آنهم يعتقدون انه كافر، ولم تذكر ما الذي كفروه به.
ثم ذكر ابن أبي زئد تشنيع علي بن أحمد البغدادي على الأشعري في مشألة اللفظ، ثم قال ابن أبي زئد في الرد على البغدادي: والقارىء إذا تلا كتاب الله لو جاز أن يقال: "إن كلام هذا القارىء كلام الله على الحقيقة" لفسد هذا؛ لأن كلام 9 القارىء ثحدث ويفنى كلامه ويزول، وكلام الله ليس بمخدث ولا يفنى، وهو صفة من صفاته، وصفته لا تكون صفة لغيره. وهذا قؤل محمد بن إسماعيل البخاري، وداود الإصبهاي، وغيرهما ممن تكلم في هذا، وكلام محمد بن سحنون إمام المغرب، وكلام سعيد بن محمد بن الحداد وكان من المتكلمين من أهل الستة ويمن يرد على الجهمية". اه ل
Bogga 17
============================================================
فهذه المحطات تدل على أن أوائل علماء البلاد التونسية قد بادروا إلى اعتماد العقيدة الشنية شعارا ودثارا، ثم قبل المتأخرون منهم المنهج العقدي الأشعري فيما بعد لتوافقه مع ما كان يقرره الأوائل، فمن المعلوم أن الإمام أبا الحسن الأشعري لم يأت بعقائد غير التي كان عليها السلف الصالح، وهو ما قد تقرر في البلاد التونسية قبل ولادة الأشعري نفسه، فلا يعتبر ما جاء به إلا امتدادأ لما كانت عليه البلاد، ولذا حظي بكل القبول.
فضل ومن القضايا العقدية الكبرى التي اتفق عليها علماء البلاد التونسية عامة وسائر علماء العالم الإسلامي من أهل السنة خاصة قضية تنزيه ذات الله سبحانه وتعالى عن الاختصاص بجهة(1) أو مكان، وعن جميع لوازم الجسمية من التحيز والحد والمقدار والحركة والسكون وغير ذلك من اللوازم.
والمخالفون لأهل السنة والجماعة في هذا الأصل هم المعروفون بالمشبهة لأنهم شبهوا الله تعالى بخلقه حيث نسبوا له الجهة والحد والمكان، وهي من (1) قال الشيخ القاضي البكي الكومي التونسي: الجهة: منتهى الإشارة، ومقصد المتحرك بحركته من حيث حصوله فيه فهي ذوات الأوضاع المادية، ومرجعها إلى نفس الأمكنة، أو حدودها وأطرافها. وهي تتقسم بحسب المشير إلى ستة: يمين، وشمال، وأمام، وخلف، وفوق، وتحت، وهي كلها إضافية، ورب فوق لشيء تحت لآخر. (تحرير المطالب لما تضمنته عقيدة ابن الحاجب، ص 16)
Bogga 18
============================================================
خصائص المخلوقات، ويعرفون أيضا بالمجسمة لأنهم وصفوا الله تعالى بصفات لا تصلح إلا للجسمانيات.
وقد أشار الإمام الشني الحافظ ابن حجر العسقلاني إلى تسمية هذه الفرق عند شرحه لقول النبي: " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا" فقال: استدل به من أثبت الجهة، وقال: هي جهة العلو، وأنكر ذلك الجمهور لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز، تعالى الله عن ذلك. وقد اختلف في معنى النزول على أقوال، فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته، وهم المشبهة، تعالى الله عن قولهم"(2).
وقد تكفلت كتب الفرق والمقالات بشرح وبيان مذهب المجسمة والمشبهة، واعتنت كتب أصول الدين السنية ببيان بطلانه ومخالفته للمعقول ومحكم المنقول، وذلك كقوله تعالى: ليس كمئله شيء } [الشورى: 11)، فهذه الآية كما يقول الإمام ابن عاشور من محكمات أصول الاعتقاد التي تدل على معان لا تحتمل غيرها(2)، وعليه فلو كان الله تعالى في جهة فوق أو تحت أو يمين أو شمال، أو كان مستقرا بمكان ومحاذيا له لكان له أمثال، فضلا عن مثل واحد، وهو نقيض نض الآية القرآنية المحكمة.
(1) فتح الباري (3/ ص37) (2) التحرير والتتوير (ج 3/ ص155)
Bogga 19
============================================================
ومن النصوص النبوية المحكمة الدالة على استحالة كونه تعالى في جهة أو مستقرا في مكان لأنه سبحانه غني عنهما أزلا فيجب أن يكون غنيا عنها أيضا فيما لا يزال، قول النبي: "كان الله ولم يكن شييء غيره"(1)، قال الإمام أبو القاسم الأنصاري: فيما قاله رسول الله إثبات حدث العالم، والعلم بوجود الإله، بلا جهق ولا غير، ولا فلك، ولا نفس، وفيه أيضا إثبات الصفات الأزلية التي لا يصح الخلق دونها(2). وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني أيضا في شرحه: فيه دلالة على أنه لم يكن شيء غيره تعالى، لا الماء، ولا العرش، ولا غيرهما؛ لأن كل ذلك غير الله تعالى(3).
فصل وقبل إيراد مقالات علماء أهل السنة والجماعة في تونس التي تطابقت على تنزيه الله سبحانه وتعالى عن الجهة والمكان ولجميع لوازم الجسمية، فمن الضروري الإشارة إلى أن أبرز أئمة أهل السنة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي قد نطقوا بهذا التنزيه، وصرحوا به لكي لا يلتبس مذهبهم الشني بمذهب المشبهة والمجسمة الردي: (1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بده الخلق، باب: ما جاء في قوله تعالى: وهو الزى يبدؤا الخلق ثر يعيده وهو أقوب عليه } [الروم: 227.
(2) الغنية في الكلام، (ج1/ ص245) (3) فتح الباري، (ج6/ ص333)
Bogga 20