باب ذكر المنزلة بين المنزلتين
وذكر الله تبارك وتعالى براءة أهل الكبائر من الشرك فقال سبحانه: { اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد } [التوبة: 5]، وحرم علينا أن نقتل أهل الكبائر حيث وجدناهم. وقال تعالى: { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } [البقرة: 221]، وحرم مناكحة المشركين والكفار كلهم، وحرم نكاح المشركات والكوافر كلهن، وفرض على المسلمين قتل المشركين والكفار كلهم، إلا ما يخص أهل الجزية من أهل الكتاب في قوله: { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } [التوبة: 29]، وأمر بقتلهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية فيتركوا عند ذلك، ويرفع عنهم السيف. وقد قامت السنة عندنا بمناكحة أهل الكبائر من أهل الصلاة نسائهم ورجالهم ، وموارثتهم وأكل ذبايحهم، وإنه لا يتوارث أهل ملتين شيئا، وأهل الكفر ملة غير ملة الإسلام، وكثير من الأمة يأكلون ذبيحة المرتد، ولا يأكلون ذبيحة المشرك، والمرتدون عندنا يفرق بينهم وبين نسائهم، ولا تؤكل ذبايحهم، وليس هذا حكم أهل الكبائر وأصحاب الحدود. ولو كانوا كفارا مشركين كانوا لايعدون أن يكونوا كاليهود والنصارى والمجوس والصابئين وعبدة الأصنام والمرتدين، ولو دخلوا في بعض هذه الأصناف كان حكمهم لازما لنا، فلما وجدنا حكمهم مفارقا لأحكام أهل الكفر كلهم علمنا أنهم ليسوا بكفار ولا مشركين، ولكنهم فساق فجار من أهل النار، إلا أن يتوبوا ويرجعوا.
Bogga 240