باب ذكر الوعيد
وذكر الله الوعيد في كتابه في أهل الكبائر من الموحدين، وأخبر أنهم يدخلون النار بأعمالهم الردية فيعذبون بها، ويخلدون فيها أبدا بما قدمت أيديهم وما الله بظلام للعبيد، فقال عز وجل: { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه } [النساء: 93]، واللعنة الخلود في جهنم لكل من قتل مؤمنا متعمدا لقتله، مستحلا لذلك أو محرما، ولم يخص بالآية جاحدا دون مقر، ولا كافرا دون مؤمن، ولا مستحلا للقتل دون محرم، ولكنه أجمل الكلام جملة واحدة فهو على جملته، وليس لأحد أن يدعي أنه خاص في بعض القاتلين دون بعض؛ لأن العام لا يكون خاصا، كما أن الخاص لا يكون عاما أبدا، إلا أن يكون الله هو الذي بين ذلك فيخبر أنه أراد بهذه الآية فريقا من الناس دون فريق، وأراد بها قوما دون قوم، فإذا جاءت الآية عامة ولم يبين أنها خاصة فهي على إرسالها وعمومها أبدا. وقال: { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا } [النساء: 10]، والقول في هذه الآية كالقول في الأولى. وقال تعالى: { إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم } [الإنفطار: 14] ألا وكل بر ففي الجنة، وكل فاجر في النار خالدا فيها مخلدا أبدا لابثا فيها لا يخرج منها أبدا.
وقال: { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } [مريم: 72]، وأصحاب الكباير المنتهكون للمحارم ليسوا بمتقين، إنما المتقون الذين يتقون الله في سرهم وعلانيتهم، يغضون أبصارهم، ويحفظون فروجهم، ويؤدون الأمانات إلى أهلها، وينصحون لكل مسلم، ويتقون الشرك والكبائر كلها، فأولئك الذين ينجيهم الله من النار.
Bogga 232