باب ذكر المخلوق
وذكر الله في كتابه أنه لم يفعل فعل عباده، وما لم يفعله لم يخلقه؛ لأن الفعل والخلق منه واحد، وقال: عز وجل: { الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا } [الإسراء: 111]، فأخبر أن ليس له شريك في شي مما خلق، فلو كان الأمر على ما زعمت القدرية أن الله خلق الكفر كله، وفعل الكافر كله لا يملكه الله دون الكافر، ولا يملكه الكافر دون الله، ولا يقدر العبد أن يفعله، ومتى فعله العبد خلقه الله، وإذا لم يفعله العبد لم يخلقه الله، ومحال زعموا أن ينفرد العبد دون الله، أو ينفرد الله به دون العبد، ولو كان كما يقول الجاهلون لكان الله محتاجا إلى المخلوق في فعله، وكان كل واحد منهما محتاجا إلى الأخر فيه، وهذا الكفر بالله العظيم، تعالى الله عن هذه المقالة علوا كبيرا.
وقد نفى الله عن نفسه الكذب، والكفر، وأضافهما إلى عباده، فقال: { وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون } [آل عمران: 78]، فأخبر أن شركهم وكفرهم ليس من كتابه، ولا من عنده. فلو كان خلقه لكان من عنده، ولم يكن ليقول ليس من عندي وهو من عنده، تعالى الله عن الكذب علوا كبيرا.
Bogga 221