وهكذا قام منطقي بولندي، هو لوكاشيفتش
Lukasiewicz
بتشييد ودراسة منطق ذي ثلاث قيم يمكن الرمز لها بأرقام مثل صفر، 1، 2. ويمكننا تفسير هذه القيم الثلاث بأنها: ما لا يصدق على الإطلاق، وما يصدق كل الصدق، وما هو صادق فحسب. غير أن التفسير العيني لهذه القيم هو الذي يثير صعابا عسيرة، وهي صعاب لا يتسع المجال هنا لبحثها.
المنطق والرياضة
المشكلات الخاصة بالعلاقات بين المنطق والرياضة لها أنواع مختلفة فلنعرض بإيجاز لبعض هذه المشكلات. (1)
هل يجب على مناهج المنطق الصوري أن تستوحي المناهج الرياضية؟ يبدو أن الإجابة عن هذا السؤال قد أصبحت واضحة كل الوضوح في أيامنا هذه؛ فعن طريق المنطق الرياضي، أصبح النطق بالفعل علما له نفس وضعية العلم الرياضي، وبعد أن أصبح المنطق علما مضبوطا بدقة، اتضح لنا مدى النجاح الذي يستطيع تحقيقه. (2)
أراد بعض المناطقة إرجاع الرياضة للمنطق، والتعبير بوجه خاص عن مفاهيم رياضية خالصة، كمفهوم العدد مثلا، وذلك باستخدام معان منطقية محضة، وتعرف هذه المحاولة لرد المعاني الرياضية إلى المعاني المنطقية باسم «النزعة المنطقية
logicisme » غير أن هذا ليس إلا أحد الاتجاهات الكثيرة في المنطق. (3)
يدرس المنطق مجموعات البديهيات الرياضية، وطريقة صياغتها، وصفات عدم التناقض والاستقلال فيها ... إلخ، ولكن إذا كان المنطق يدرس «أسس» الرياضة، فهل معنى ذلك أن من الواجب أن يسبق تركيب النظريات الرياضية ذاتها؟ علينا أن نعترف بأن مهمة المنطق تتصف بوجه خاص بأنها «راجعة أو ارتدادية
retrospective »؛ فهو يحدد طبيعة العمليات الرياضية وقيمتها بعد وجودها فعلا، فالمنطق وسيلة إلى التبرير أكثر مما هو منهج للإبداع.
Bog aan la aqoon