Mantiq Ishraqi ee Suhrawardi la Dilay
المنطق الإشراقي عند السهروردي المقتول
Noocyada
حصر أرسطو فكرة الأجناس العالية في عشرة، وهذه الأجناس العشرة هي: مبحث المقولات. وقد عرف المسلمون هذه المقولات معرفة تامة؛ حيث هاجمها المتكلمون منذ وقت مبكر مهاجمة شديدة، وأدت هذه المهاجمة - من وجهة نظر منطقية - أن نشأ في العالم الإسلامي مشكلة لم يبحثها أرسطو ولا الشراح من بعده، وهي: هل هذه المقولات منطقية أم ميتافيزيقية؟
انقسم المناطقة العرب تجاه هذا مواقف مختلفة: (1)
فابن رشد - وهو يمثل أكبر حد للاتجاه الأرسطي - اعتبر المقولات من منطق أرسطو وعالجها على هذا الأساس، وهو في هذا يحترم نظرية المقولات الأرسطية، ويرى أن عددها فوق النقد والملاحظة.
83 (2)
أما ابن سينا فلم يعتبر المقولات من مباحث المنطق، بل من مباحث الميتافيزيقا؛ حيث إن المقولات عنده تنصب على الأمور الموجودة في الذهن أو في الخارج، ولهذا عالجها في الجزء الثاني من قسم الشفاء، إلا أنه في منطق النجاة لا يعرض لها إلا في ثنايا نظرية التعريف. أما في منطق الإشارات والتنبيهات فيغفلها إغفالا تاما.
84
ولقد سار على نهج ابن سينا معظم المناطقة العرب، وعلى رأسهم الغزالي والسهروردي؛ فالغزالي لم ير أية حاجة إلى ذكرها في معظم كتبه المنطقية، سواء كتابيه «معيار العلم» أو «محك النظر». أما السهروردي فهو نفس الشيء؛ حيث يغفلها إغفالا تاما في القسم الأول من رسالة اللمحات في الحقائق، في حين أنه يعرضها في القسم الثالث من نفس الرسالة (القسم الميتافيزيقي)، كما يعرضها بالتفصيل في مجموعة الحكمة الإلهية (التلويحات والمقاومات والمطارحات)، إلا أنه في كتابه حكمة الإشراق يغفلها تماما.
وهو في هذا يسير على نهج ابن سينا من حيث طبيعتها، إلا أنه يخالفه من حيث عددها.
وقد توسع السهروردي في المشارع والمطارحات في الحديث عن المقولات، ولكن مع ملاحظة أنه في جميع كتبه التي تناول فيها المقولات كان يعرض لها في القسم المتعلق بالميتافيزيقا لا في قسم المنطق، والمقولات الأساسية لديه هي الجوهر والكم والكيف والإضافة والحركة، أما الباقي فترتد إلى هذه، على اعتبار أنها حال من أحوالها، فهو يذكر الأنواع العشرة، ثم يرد بعضها إلى بعض. يقول السهروردي: «أما متى فليست البتة إلا نسبة الشيء إلى زمانه، ومحال أن يعقل متى إلا بالنسبة»، وكذلك ترد الأين إلى النسبة؛ حيث إن الشيء إذا لم يوضع له نسبة إلى المكان لم يفهم الأينية فيه، وحال الكون في المكان كحال الكون في الزمان على ما ذكرنا، وكذلك الوضع يستحيل أن يعقل إلا بنسبة الأجزاء، وعلى ذلك تعد الأين والمتى والوضع نسب. ويذكر أن «متى» يمكن أن ترد إلى «الحركة» إن كانت هيئة أخرى غير الإضافة إلى الزمان؛ فإما أن تكون قارة أو غير قارة، فإن كانت قارة؛ فلا نسبة لها، وإن كانت غير قارة؛ فهي حركة، فمتى في نفسها حركة.»
85
Bog aan la aqoon