Mantiq Ishraqi ee Suhrawardi la Dilay
المنطق الإشراقي عند السهروردي المقتول
Noocyada
28
وذلك لأن الممكن سلب للضروري، والمعرفة الإشراقية معرفة ضرورية وليست ممكنة. ويجعل السهروردي الإمكان والإقناع جزءا من المحمول، ولم يجعله شرطا للتناقض، والقضية البتاتة هي الوحيدة التي تستخدم في العلوم، أما الممكنة أو الممتنعة فلا تستخدم على الإطلاق. (4)
ومن حيث إطلاق الحكم، يرد السهروردي القضايا المنفصلة كلها إلى قضايا متصلة،
29
وذلك لأن الاتصال أصل الانفصال، ولأن المعرفة الإشراقية متصلة لا انفصال فيها، والحقائق ليس فيها اختيار بين احتمالين: «إما ... أو»، بل هي حقيقة واحدة متصلة صادقة.
أما من حيث مادة البراهين؛ فالسهروردي لا يستعمل إلا مادة يقينية، سواء أكانت فطرية أو ما يبنى على فطري في قياس صحيح، والحدسيات عند السهروردي تشمل المجريات، وهي مشاهدات مفيدة يقينية تحدث بالتكرار والمتواترات، وهي شهادات يقينية لكثرتها بعيدة عن التواطؤ ومؤيدة بالقرائن أو المشهورات والمخيلات والتمثيلات؛ فكلها لا تفيد اليقين؛ فواضح أن اليقين عند السهروردي هو الحدس، والحدس يشمل المتواترات والمشاهدات أو الوحي والمعرفة الإنسانية على حد سواء.
30
ولما كانت مباحث المنطق الإشراقي عند السهروردي على هذا النحو من الجدة والطرافة، فقد اجتهدنا بين الفينة والفينة في أن نقارنه ببعض الأفكار المتضمنة في المنطق الحديث، على ألا تعني تلك المقارنة أن الأفكار التي طرحها السهروردي قد وصلت إلى آخر ما وصلت إليه أفكار المناطقة المحدثين، وإنما يعني وجود نفس الحلول لنفس المشكلات؛ فهناك حقائق منطقية عامة يمكن للمفكرين من شعوب مختلفة الانتساب إليها والاتفاق عليها، دون أن تكون مجرد وجهات نظر خاصة مرتبطة بعصر معين، أو بمزاج خاص، كما لا تعني المقارنة وجود أوجه تشابه مستمرة بين الأفكار المتضمنة في المنطق الإشراقي والأفكار المتضمنة في المنطق الحديث.
كما لا تعني المقارنة بالضرورة أوجه التشابه والاختلاف؛ بل تعني إلى حد ما إيجاد أوجه التشابه والاختلاف عن طريق المقابلة غير المستمرة بين أفكار السهروردي وأفكار المناطقة المحدثين.
وعلى هذا تشمل المقارنة جانبين:
Bog aan la aqoon