والتسبيح هو التنزيه، فأصل هذه الكلمة من السبح وهو البعد، قال الأزهري في تهذيب اللغة: "ومعنى تنزيه الله من السوء تبعيده منه، وكذلك تسبيحه تبعيده، من قولك: سبحت في الأرض إذا أبعدت فيها، ومنه قوله جل وعز: {وكل في فلك يسبحون} ، وكذلك قوله: {والسابحات سبحا} (1) .
فالتسبيح هو إبعاد صفات النقص من أن تضاف إلى الله، وتنزيه الرب سبحانه عن السوء وعما لا يليق به، "وأصل التسبيح لله عند العرب التنزيه له من إضافة ما ليس من صفاته إليه، والتبرئة له من ذلك".
وقد ورد هذا المعنى في تفسير التسبيح في حديث يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن في إسناده كلاما، فقد روى الحاكم في المستدرك عن عبد الرحمن ابن حماد، ثنا حفص ابن سليمان، ثنا طلحة بن يحيى بن طلحة، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير سبحان الله، فقال: "هو تنزيه الله عن كل سوء". قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي في تلخيصه للمستدرك بقوله: "بل لم يصح فإن طلحة منكر الحديث، قاله البخاري، وحفص واهي الحديث، وعبد الرحمن، قال أبو حاتم: منكر".
وروي الحديث من وجه آخر مرسلا.
وورد في هذا المعنى آثار عديدة عن السلف - رحمهم الله -، روى جملة منها الطبري في تفسيره والطبراني في كتابه الدعاء في باب: تفسير سبحان الله، وغيرهما من أهل العلم، منها:
ما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "سبحان الله: تنزيه الله - عز وجل - عن كل سوء".
وعن عبد الله بن بريدة أن رجلا سأل عليا رضي الله عنه عن سبحان الله فقال: "تعظيم جلال الله".
وجاء عن مجاهد أنه قال: "التسبيح انكفاف الله من كل سوء". قال ابن الأثير في النهاية: "أي: تنزيهه وتقديسه".
Bogga 234