Manhaj Ibn Aqil al-Hanbali wa Aqwaluhu fil Tafsir Jama'an wa Dirasatan
منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير جمعا ودراسة
Noocyada
فمن أمثلة الواجب: قوله تعالى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة:٥]، كان واجبًا ثم نهي عنه في الأشهر الحرم ثم أمر به فيرجع للوجوب.
ومن أمثله المستحب: قوله ﷺ: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " (^١)، كانت الزيارة مستحبة ثم نهي عنها ثم أمر بها فترجع للاستحباب.
ومن أمثلة المباح وهو كثير: قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [المائدة:٢]، كان الصيد مباحًا ثم نهي عنه حال الإحرام ثم أمر به فيرجع للإباحة.
وهذا هو القول الراجح الذي يجمع بين الأقوال، ويسلم من الاعتراض، ولا حاجة للتوقف في هذه المسألة، بعد هذا الاستقراء.
ويجاب عما استدل به أصحاب القول الأول بما يلي:
أما استدلالهم بالعرف، فنقول: العرف لا يقبل هنا؛ لأن الحكم مبناه على الشرع، وإذا سلمنا بقبول العرف؛ فالعرف موافق لقولنا: بأن الأمر بعد الحظر يرجع إلى ما كان عليه؛ فمثلًا لو قال الطبيب: لا تشرب الدواء، ثم قال: اشربه، ولو قال لغلامه: لا تنظف البيت - لعارض - ثم قال: نظفها، لرجع إلى الوجوب.
وأما استدلالهم بعرف الشارع، وذكر أمثلة له، فهو استقراء ناقص، ولا شك أن الاستقراء التام مقدم عليه.
وأما استدلال من قال: يرجع لأصله وهو الوجوب، فإنه ينتقض عليه بآيات أخر، منها الآية التي معنا (^٢).
(^١) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب استئذان النبي ﷺ ربه ﷿ في زيارة قبر أمه (٩٧٧) من حديث بريدة ﵁.
(^٢) ينظر للاستزادة: نهاية السول ٢/ ٢٧٢، المعتمد ١، ٨٢، المسودة ص ١٦، العدة ١/ ٢٥٦، روضة الناظر ٢/ ٧٥، شرح الكوكب المنير ٣/ ٥٦، البحر المحيط للزركشي ٢/ ٣٧٨، المذكرة في أصول الفقه ص ١٩٢.
1 / 216