148

Manhaj Ibn Aqil al-Hanbali wa Aqwaluhu fil Tafsir Jama'an wa Dirasatan

منهج ابن عقيل الحنبلي وأقواله في التفسير جمعا ودراسة

Noocyada

قال القاضي عياض (^١): (اعلم أن ثناء الله على يحيى بأنه حصور ليس كما قال بعضهم: إنه كان هيوبًا، أو لا ذكر له، بل قد أنكر هذا حذاق المفسرين، ونقاد العلماء، وقالوا: هذه نقيصة وعيب ولا تليق بالأنبياء، وإنما هو معصوم من الذنوب، أي: لا يأتيها، كأنه حصر عنها، وقيل: مانعًا نفسه من الشهوات. وقيل: ليست له شهوة في النساء.
وقد بان لك من هذا أن عدم القدرة على النكاح نقص، وإنما الفضل في كونها موجودة ثم قَمْعُها: إما بمجاهدة كعيسى، أو بكفاية من الله ﷿ كيحيى ﵇ ... والمقصود أن مدح يحيى بأنه حصور ليس أنه لا يأتي النساء، بل معناه كما قاله هو وغيره: إنه معصوم من الفواحش والقاذورات، ولا يمنع ذلك من تزويجه بالنساء الحلال وغشيانهن وإيلادهن، بل قد يفهم وجود النسل له من دعاء زكريا المتقدم حيث قال: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ [آل عمران:٣٨]، كأنه قال: ولدًا له ذرية ونسل وعقب، والله ﷾ أعلم) (^٢).

(^١) هو الإمام الحافظ أبو الفضل عياض بن موسى بن عمرون اليحصِبي الأندلسي ثم السبتي المالكي، ولي القضاء، وأكثر من التواليف ومن كتبه: الشفا بتعريف حقوق المصطفى، مات سنة ٥٤٤ هـ، له ترجمة في: سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٢١٢، طبقات الداوودي ٢/ ٢١.
(^٢) الشفا ١/ ١١٦، وينظر: تفسير ابن كثير ٢/ ٧٠٥.

1 / 148