91

Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir

المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي

Noocyada

انتهت الدراسات النقدية لفكرة العلمانية في الفكر الغربي إلى استحالة اجتثاث الدين من حياة الناس، وهزيمة العلمانية أو على الأقل «لم تف بوعودها لا في العالم الأول (حيث تنتشر العنصرية والجريمة والنسبية الفلسفية) ولا في العالم الثالث (حيث تحالفت العلمانية مع الفاشية والقوى العسكرية)؛ لذا فقد نحت مصطلح ما «بعد العلمانية» (...) وكلمة «ما بعد» هنا تعني في واقع الأمر «نهاية» (...) كما تعني أن نموذج العلمانية قد دخل مرحلة الأزمة، لكن لم يحل محله نموذج آخر.»

108

ويكشف واقع الغرب اليوم عن أزمة هذا المفهوم، تعبر عنه مؤشرات العلاقات الإنسانية والاقتصادية والبيئية، واقع يكشف أيضا عن اختلاط دلالات المفهوم،

109

الذي أنتج مفاهيم ذات علاقة بهذا الواقع الذي وصفناه، مثل ««التسلع» و«التوثن» و«التشيؤ» التي تستخدم لوصف بعض الظواهر التي أفرزتها المجتمعات العلمانية الحديثة»،

110

تتجه كلها إلى تجسيد نموذج كامن يوجه الفكر العلماني في كل مراحله، لهذا جاءت صفارات إنذار من كبار الفلاسفة في الغرب تحذر من هذا الدين الجديد، الذي جرد الإنسان من كل خصائصه الفطرية، ورمى به في ساحة العبث والتمرد على اليقينيات والثوابت، حيث ظهرت نماذج من الإنسان لا نموذج واحد، إذ لكل فلسفة نموذجها الإنساني، الأمر الذي حمل هؤلاء الفلاسفة إلى اعتبار المعرفة التي ينتجها الإنسان سبب هذه المشكلات والانقسامات التي تحياها الإنسانية المعاصرة.

فتاريخ الغرب - كما يذكر المسيري - هو تاريخ العلمنة للطبيعة والإنسان من خلال الحملات الإمبريالية التي شنها على شعوب العالم، بل ما تزال تجليات هذه العلمنة طاغية في علاقة هذا الغرب مع هذه الشعوب، على مستويات متعددة (الاقتصادية - السياسية - الفنية والإعلامية والرياضية ...)

ويمكن الإشارة في هذا السياق أيضا إلى دراسة حديثة تأريخية حول موضوع العلمانية والدين في ثلاث مناطق أساسية في العالم وهي: مصر، والهند، والولايات المتحدة الأمريكية، للمفكر الأمريكي سكوت هيبارد.

وتقف الدراسة عند منحنيات التدافع والصراع بين الدين والسياسة في هذه البلدان الثلاثة وعوامل الأفول والصعود، مستشهدا بأمثلة من حضور الخطاب الديني والقيمي في السياسة الأمريكية المعاصرة وفي جل خطابات رؤسائها إلى اليوم - من فرانكلين روزفلت إلى عهد أوباما - حيث «ظل الدين خاصية محورية للسياسة الأمريكية. وعلى الرغم من وجود انفصال مؤسسي ما بين الكنيسة والدولة، ظل الدين - تحديدا الدين المسيحي البروتستانتي - متأصلا داخل القومية والثقافة الأمريكية»

Bog aan la aqoon