Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir

Cabdullahi Akhwad d. 1450 AH
61

Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir

المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي

Noocyada

من هذه المفاهيم الإشكالية: إشكالية الدين والدولة، الدين والسياسة، الدولة الدينية أم الدولة المدنية العلمانية، الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية، إشكالية المعرفة والقيم الدينية، الثابت والمتحول في هذه المعرفة، المرجعية الدينية والزمانية، المطلق والنسبي.

ثنائيات إشكالية بدأت تأخذ حظها في النقاش المعرفي من جديد، وهو ما يستدعي فتح ملفات علمية بعيدة عن التحيزات الأيديولوجية، والنظر إلى أفق أوسع يرتبط بشكل أدق بمصير المنطقة العربية الإسلامية، والعوامل المنتجة للنهضة الحقيقية بدل السير في دروب مظلمة.

أنا لست ضد التعدد المذهبي الأيديولوجي والفكري المنهجي، لكن ما يهمنا هو الحكم على خلاصات كل شكل من أشكال هذا التعدد ما قدم وما أخر لهذا المجتمع، فالأفق والمآل هو المعيار الحاسم لكل اتجاه فكري فلسفي أريد أن يساهم في معالجة إشكالات المجتمع العربي، في الوقت ذاته إقصاء أي تيار يمكن أن يساهم في البناء من مرجعية مغايرة يساهم في تكرار تجارب الماضي القريب، ويكرس مظاهر العنف الفكري ويعمق جراحات الأمة. إنما السبيل الأقرب إلى الصواب البحث عن مناطق توحد هذه الطاقات لتساهم في نحت مشروع عربي إسلامي حضاري يتجاوز فجوات الجيل الأول والثاني.

إن المقصد الذي انتدبنا أنفسنا إليه في هذا الفصل يتوخى فتح حوار معرفي مع أنموذج فكري عرف عنه الالتزام الصارم بقيم العلمنة في المجال المعرفي، ومن خلال الدعوة المتكررة إلى تبني هذا النموذج بكل آلياته المنهجية والمعرفية؛ لأنه ثورة عقلية تنويرية، لا مستقبل للعرب والمسلمين إلا بالانخراط الطوعي فيه، ساعتها «سيتم الاعتراف بنا في هذا العالم كأمة وحضارة وشعوب حين نناضل من أجل عالم علماني يعترف فيه الجميع بالجميع بمعزل عن فرضيات الدين والمعتقد. وسنتمكن من تحرير الأرض والوعي والحضارة من الاحتلال والاستيطان، ومن تحصين مجتمعاتنا من الطائفية والفتنة يوم نناضل من أجل الحريات الفردية والكرامة الإنسانية والمساواة بين بني البشر، ونقاوم من أجل قيم التنوير والحداثة والعقلانية والعلمانية، والتي هي غنيمتنا المنسية منذ معاركنا الوطنية ضد الاستعمار»،

1

ليعود من جديد من بوابة الفكر والثقافة العلمانية، مهما حاول دعاتها التحرر الكاذب من أسطورة النموذج الغربي، والارتباط بالوطن.

الإصرار على هذه السبيل إصرار على التقليد والتبعية وقلب للحقائق والمعطيات، إنه أنموذج المفكر الجزائري الأصل الفرنسي الجنسية محمد أركون الذي تحمل عناء النضال الفلسفي المشبع بالقيم العلمانية الفرنسية في نقد العقل الإسلامي، من خلال الدعوة إلى فك الارتباط بأصول هذا العقل، وتحريره من «أسطوراته التاريخية»، ومعانقة أسباب التحرر التي تتيحها العقلانية الحداثية الغربية، التي يرى فيها منجاة «العرب من الخسران والضياع والتخلف عن ركب الأمم والتقدم»،

2

ومن خلال أدوات تأويلية للتراث العربي الإسلامي (النسبي والمطلق). أو من خلال استيراد ما سمي بعلم التأويل «الهرمينوطيقا» في قراءة النصوص، وهي ظاهرة فكرية منهجية بدأت تأخذ حيزا مقدرا في مناهج قراءة النصوص المقدسة أو النسبية على حد سواء.

ويهمنا في هذا الفصل أن نعالج موقف أركون وجهوده في بناء نموذجه المعرفي والمنهجي الذي يعتبره المدخل الطبيعي في تحقيق التنوير العقلاني الإسلامي بعيدا عن المنهجية الإسلامية، المنبثقة من أصولها التأسيسية (الوحي) التي اعتبرها مسئولة إلى حد كبير عن تشظي العقل الإسلامي وتخلفه عن فتوحات الحداثة العقلية، من خلال ثلاثة مباحث أساسية نراها تجيب عن جزء مهم من الإشكالات المنهجية في الفكر العلماني العربي المعاصر. (1) المبحث الأول: أصول ومرجعية البناء المنهجي في الفكر العلماني

Bog aan la aqoon