Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
Noocyada
هكذا فكر الفكر اليساري العربي باحثا لنفسه عن مخرج من الحلقة المفرغة التي أوجد فيها نفسه؛ باحثا عن منهج، فيتبنى المنهج الجدلي، لكن مع ذلك - تأكيد من الجابري - يجد نفسه في الحلقة نفسها التي حاول الخروج منها.
ويبرر الجابري هذا الضيق المنهجي عند هذا الاتجاه بأنه يسعى - في هذا التبني - إلى المنهج الجدلي كمنهج «مطبق» لا كمنهج «للتطبيق»، فأرادت أن تحول التاريخ العربي الإسلامي إلى صراع طبقي بين المادية والمثالية، ومن «ثمة تصبح مهمة القراءة اليسارية للتراث هي تعيين الأطراف وتحديد المواقع في هذا الصراع «المضاعف».»
37
ودفع هذا الاتجاه بكل مقولاته المنهجية وآلياته التفسيرية إلى تفصيل التاريخ الفكري والمعرفي للأمة، وفق هرمية تصورية منسجمة مع ذات المقولات والآليات، وحتى إذا عجزوا عن هذا التفسير وهذا التفصيل للتاريخ، ولم تسعفهم قوالبهم الفكرية تحدثوا عن «التواطؤ التاريخي» بين قوى رجعية ظلامية أيديولوجية، فانتهت هذه القراءة إلى «سلفية ماركسية».
فهذه الآليات المنهجية والمطالعات النقدية للتراث تعاني حسب الجابري من آفات على مستوى المنهج والرؤية؛ فمن حيث المنهج فإنها تفتقد إلى الحد الأدنى من الموضوعية، أما من حيث الرؤية فتعاني كلها من غياب النظرة التاريخية، وبالتالي لا تختلف هذه القراءات عن بعضها من الناحية الإبستيمولوجية؛ لأنها مؤسسة على طريقة واحدة في التفكير، الطريقة التي سماها الباحثون العرب القدامى ب «قياس الغائب على الشاهد»، مما يجعلها عاجزة عن الإبداع والإنتاج، وتطوير لكل أنماط المعرفة.
فهذه الآليات غير ذات موضوع بالنسبة للفكر العربي المعاصر إن هو أراد أن يبدع ويخلق حالة من الوعي داخل الساحة الفكرية العربية، مما يجعله خارج الزمان، ومن هنا لا تاريخية الفكر العربي؛ لأنه «يفتقد إلى الحد الأدنى من الموضوعية، ولذلك كانت قراءة التراث قراءة سلفية تنزه الماضي وتقدسه وتستمد منه «الحلول» الجاهزة لمشاكل الحاضر والمستقبل، وإذا كان هذا ينطبق بوضوح كامل على التيار الديني فهو ينطبق أيضا على التيارات الأخرى؛ باعتبار أن لكل منها سلفا يتكئ عليه ويستنجد به. هكذا يقتبس العرب جميعا مشروع نهضتهم من نوع الماضي، إما الماضي العربي الإسلامي، وإما «الماضي-الحاضر» الأوروبي.»
38
فمشكلة المنهج التي يعالجها الجابري هنا هي في نهاية التحليل تئول عنده إلى «قضية النهضة ومشكلة العقلانية»
39
في فضاء الفكر العربي المعاصر، ومن هنا لا علمية ولا تاريخية المسلكيات المنهجية التي تناولت إشكالات هذا الفكر وفقدانها الزمان بهذا الشأن.
Bog aan la aqoon