Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
Noocyada
82
لذا يرى ضرورة تفعيل المعجم العربي حتى نتمكن من توليد معارفنا ومناهجنا واكتساب القدرة على التواصل والتعبير عن هويتنا الحضارية، فمن الظواهر ما لا يمكن التعبير عنها بواسطة النماذج المستوردة بسبب حدودها الإدراكية.
وعندما نتمكن - الكلام للمسيري - من تحقيق الجهد التفكيكي النقدي الإبداعي للنموذج المعرفي الغربي، وتوضيح هويته وإعادة تركيبه، وزيادة القدرة التوليدية للنموذج البديل، وتحول الغرب إلى مركز من المراكز، سننظر إلى الغرب بدون قلق ودون مركب نقص، ليس كما فعل ويفعل دعاة التغريب، وإنما يمكننا دراسته كمتتالية حضارية تتسم بما تتسم به من سلبيات وإيجابيات،
83
ونتعامل معه برؤية نقدية إبداعية منفتحة ووفق قيمنا الحضارية.
ما قدمناه من جهد لهذه المحاولة لا يعني أن الأمر قد صفي نهائيا، بل هي محاولة جريئة تنتظرها محاولات أكثر جرأة في إطار عمل مؤسساتي يحتضن الأفكار، ويمكن لها في مؤسسات المجتمع. تلك مشكلة المشاريع الفكرية في عالم العرب والمسلمين. لكن يكفي أن أفكار الرجل أعادت ترتيب كثير من القضايا على المستوى المنهجي ونفثت نفسا جديدا في العقل العربي المسلم، وقدم جهدا متميزا في منهجية بناء المعرفة، من خلال مفهوم مركزي في مشروعه الفكري، هو مفهوم التحيز، وإعادة تشكيل العقل العربي، من عقل تراكمي اختزالي إلى عقل تركيبي اجتهادي بنائي توليدي.
خاتمة
نصل إلى خاتمة الموضوع، وإلا فإن الموضوع من وجهة نظر الفكر المنهجي يمثل بداية وفاتحة مرحلة جديدة لاستئناف النظر في قضايا ما تزال فيها الجهود قليلة وفردية، فالمسألة ليست مسألة بحث يكتب في مرحلة من المراحل، بقدر ما هي قضية الأمة المركزية المطروحة على استمرار، التي تستدعي تكاثف الجهود؛ وتجميع الطاقات الإبداعية على اختلافها وتنوعها في الأمة، التي تقف اليوم على عتبة تحولات جوهرية تضعها بين مصيرين لا ثالث لهما:
إما المشاركة في تأسيس مشروع حضاري عالمي واستئناف عملها التجديدي، وإما التبعية الدائمة والمركبة للآخر. ولهذا كان سعينا في هذا العمل إبراز بعض الإشكالات المعرفية والمنهجية التي حالت دون الانطلاقة الطبيعية لها في مشروع استكمال استقلالها الاستقلال الفكري والمنهجي، لصياغة الحلول المناسبة لإشكالاتها وتوسيع أفق عملها وانتظاراتها المستقبلية.
وقد ميزنا في هذا العمل بين ثلاث مدارس في الفكر العربي المعاصر:
Bog aan la aqoon