138

Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir

المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي

Noocyada

نسمات هذا البديل نابعة من هذه المرجعية المطلقة: القرآن والسنة «اللذان يحويان القيم الإسلامية المطلقة والإجابة الإسلامية على الأسئلة النهائية»،

68

لكن لا ليكرر النموذج المرفوض - نموذج الموضوعية المتلقية - والوصول إلى قوانين صارمة نهائية وصيغ جبرية تفسر كل شيء، وتستبعد الذات الإنسانية، فالنموذج «المقترح لن يسقط في الموضوعية المتلقية، والتي تفترض عقلا قادرا على الإحاطة بكل شيء، وواقع بسيط يمكن الإحاطة به، كما أنه لن يسقط في الذاتية التي تعني ذاتا متمحورة حول نفسها لا تكثرت بتركيبة الواقع، وتحاول أن تملي رؤيتنا وإرادتنا عليه.»

69

ارتباط مفهوم الاجتهاد بهذا النموذج البديل عنده سيحول دون السقوط في المنحى الذي حاربه في النموذج المتلقي، لأن المنطلقات المرجعية مختلفة، فالنموذج الاجتهاد التفسيري تتسم فيه بالتوليدية والانفتاح والتركيب، عكس النموذج المتلقي الذي تتسم فيه بالتراكم والانغلاق والاختزال، وأن محاولة «المعرفة الكاملة والتحكم الكامل محاولة شيطانية مستحيلة؛ لأن الواقع الإنساني مركب ثري ولا نهاية لهذا التركيب وهذا الثراء.»

70

وأهم منطلقات هذا النموذج المعرفي هو إدراك أن «ثمة حيزا إنسانيا يترك فيه الإنسان ويمارس إنسانيته، ومن ثم يصبح مختلفا عن الكائنات الطبيعية، فهو كائن مركب وعنصر حر مسئول لا يتجاوز حتميات النظام الطبيعي المادي، ولا يمكن أن يرد في كليته إليه، ولا يمكن أن يمزج بالظواهر الطبيعية ويذوب فيها (...) وهذا يعني أن ثمة ثنائية أساسية تترجم نفسها إلى انفصال بين الإنسان المركب والواقع الطبيعي المادي.»

71

فالمقولة الإنسانية جوهر هذا النموذج بإمكانات هذا الإنسان وعلامات تميزه وتفرده كائنا فريدا مركبا، والعالم من «منظور النموذج البديل ليس مادة مصمتة، بل تتسم بثنائية لا يمكن تصفيتها، وبدلا من استخدام مقولات مادية تفسيرية وحسب، تفرض الواحدية على الواقع وتسوي الإنسان بالطبيعة، يمكن استخدام مقولات تفسيرية مادية، غير مادية، كمية/كيفية مستمدة من النظام الطبيعي متجاوزة له في ذات الوقت، ومن ثم يمكننا من خلالها التعامل مع ظاهرة الإنسان في كل تركيبتها.»

72

Bog aan la aqoon