Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
Noocyada
فهذا الإحساس والإدراك بعدم براءة هذه النماذج والآليات المنهجية الموظفة في تحليل بنية المجتمع العربي الفكرية واستبطانها لنماذجها القيمية؛ جعل المسيري يدعو إلى ضرورة إخضاع المنهج الذي نستخدمه لعملية «تقييم حتى نكتشف تحيزاته وننقي آلياته منها، أو على الأقل نطوعها بحيث يمكن توظيفه وتوظيف آلياته داخل إطارنا المعرفي، فيمكن أن أستخدم المنهج البنيوي في التحصيل دون أن أصبح بنيويا معاديا للإنسان، وأن أستخدم المنهج التفكيكي دون أن أصبح تفكيكيا عدميا»،
64
داعيا إلى تجاوز الخطاب الاختزالي، وتبني الخطاب التفسيري التركيبي في تقييم النماذج المعرفية الغربية لأن «التوقف عند المستوى الجزئي مع بقاء البناء على حاله قد يؤدي إلى عملية ترقيع وتلفيق تفقدنا هويتنا دون أن نكتسب هوية جديدة.»
65
بهذه الرؤية يتجاوز المسيري النماذج المعرفية التفسيرية، التي عرفها تاريخ المناهج في الغرب وهيمنت على الفكر العربي الحديث والمعاصر، العلماني، القومي، المادي، ليؤسس لخريطة إدراكية ولنموذج معرفي يستمد مقوماته من النموذج المعرفي الإسلامي التوليدي. (2-2) النموذج المعرفي الإسلامي التوليدي، البديل: الأسس والمنطلقات
لم يقف المسيري عند نقطة الرصد لمنزلقات النموذج المعرفي الغربي وتحيزاته، وانتقاده للتيارات التغريبية في الوطن العربي وفشلها في صناعة نماذجها المعرفية الخاصة، بل فعل هذا بكفاءة عالية، لكن تجاوزه إلى اقتراح بديل معرفي لتجاوز مثالب النماذج المستعارة، من خلال الأسس المنهجية الآتية: (أ) الهوية العربية الإسلامية
شكلت الهوية العربية الإسلامية أهم عناصر النموذج الذي حاول المسيري «صكه للبناء وللإعمار، وهو نموذج مستلهم من البيئة العربية الإسلامية وغير مهزوم أمام الآخر»
66
من المرجعية الكبرى للأمة - الوحي - لا خارجها، ودفاعه عن هذه الهوية - المرجعية - ليس من باب «الكلام المرسل أو الشعارات التي يرددها بصدق كثير من مثقفي الأمة، وإنما عن دراية بسبل تأكيد الهوية، فأولى خطوات النهضة إنما تبدأ عنده بإعادة الثقة فيما نملك، فلدينا قيمة مطلقة من استخلافنا في الأرض، إلى جانب قيم واقعية متمثلة في الموروث الحضاري القيمي»،
67
Bog aan la aqoon