Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
Noocyada
ومسلك طه عبد الرحمن للمفهوم الأصيل وحل معضلة الفكر الفلسفي، الترجمة، باعتبارها أحد المداخل الأساسية التي أوتي منها الإبداع العربي الإسلامي قديما وحديثا تدشين طور جديد في هذا المجال بعد الطور الأول والثاني الذي تم في المرحلة العباسية والحديثة، لكن بمقاييس ومعايير جديدة، تتيح إمكانات إنتاج مفاهيم أكثر قوة وارتباطا بمجالها التداولي الأصلي. وما لم ينجز عقل الأمة هذه المرحلة وفق حاجاته يبقى استقلاله استقلالا منقوصا.
طور دشنه بنقد مسلمات الترجمة العربية الحديثة التي لم تسلم من عيوب واعوجاجات عطلت مسيرة النهضة الفكرية والفلسفية للأمة، لإخلالها بركن من أركان الترجمة هو «الاستقلال المسئول»، وظلت مرتبطة بالتطبيق الغربي ومبنية على مسلمات ذكر منها ثلاثا كلها باطلة:
أولاها: «مسلمة المماثلة بين التجربتين القديمة والتجربة الحديثة في الترجمة»، وبطلان هذه المماثلة من أوجه نذكر منها:
20 (أ)
أن التجربة الأولى للترجمة - في العصر العباسي - فعل اختياري صدر عن إرادة إثبات الذات وتحقيق إمكاناتها الواسعة، بينما التجربة الثانية انفعال اضطراري دفاعا عن النفس وحماية الحدود. (ب)
التجربة الأولى مارسها أهلها وهم في موقع قوة، إذ شرعوا في تأسيس هوية ثقافية وشخصية حضارية خاصتين بهم، بينما المتأخرون منهم يمارسون التجربة الثانية من موقع ضعف ولد لديهم شعورا حادا بتخلف مجتمعاتهم وعقدا نفسية تهدد هويتهم وشخصيتهم. (ج)
أن التجربة كانت تتخير النصوص التي ينبغي نقلها بحيث لا تصادم القيم الأخلاقية التي تشبعت بها الروح الإسلامية، بينما التجربة الثانية تتهافت على نقل كل النصوص، لا تبالي إن أضرت بالقيم الأخلاقية الإسلامية أو لم تضر بها. (د)
أن تجربة الترجمة الأولى نقلت نصوصا أنتجتها حضارة غابرة، ولو أن بعض آثارها باقية، في حين أن التجربة الثانية تنقل نصوصا تنتجها حضارة قائمة بيدها أسباب صنع التاريخ الإنساني في هذا العصر.
التجربة الأولى - في نظره - تتمتع بدرجة عالية من الاستقلال بوجود رغبة داخلية، بينما التجربة الثانية لا تتمتع بهذه الدرجة من الاستقلال، فهي مجبرة ومستضعفة. وهذا رد واضح على أطروحة الجابري التي دعا فيها إلى تأسيس وبدء عصر تدوين جديد، يشابه ويماثل عصر التدوين الأول، والتمكين للجوانب العقلانية من كلا التراثين من الاستمرار فينا: تراث الأمة وتراث الغرب.
21
Bog aan la aqoon