118

Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir

المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي

Noocyada

محاولة من شأنها تحديد معالم منهجية ضابطة لحركة انتقال الأفكار والمناهج ومفاهيمها، مشروع عرف صاحبه بكفاءته الحوارية العالية مع كثير من القضايا الفكرية المعاصرة التي كانت إلى وقت قريب من المسلمات التي لا تتزعزع، وكان عليها الرهان أكبر في إنجاز تحولات كبرى.

فكان له مسار آخر إبداعي يتجاوز الآليات التحليلية التي استنبتت في ثقافة الأمة، مسار ينطلق من الإيمان العميق بقدرة العقلية العربية الإسلامية على الإبداع خارج القوالب الفكرية الخارجية التي ابتليت بها النخب العربية المقلدة.

وتبدأ هذه الممارسة البنائية الأصيلة عند طه عبد الرحمن من محورين أساسيين يراهما الأقدر على مواجهة التحديات الراهنة: «الروح العقلانية النافعة»، و«الروح الجماعية الصالحة»، اللتين ثورتهما الممارسة الحوارية الحاصلة على شرائطهما المعلومة، «فلا يحتاج مجتمعنا في القرن الجديد إلى شيء احتياجنا إلى هاتين الروحين المتكاملتين»

3

من خلال اختبار اختياراتنا الفكرية، وفتح آفاق واسعة للحوار، والتواصل والعمل المشترك النافع للأمة، بدل الاستمرار في ممارسة الشذوذ الفكري والمنهجي؛ لأنه طريق موصد وغير مثمر، داعيا إلى تثبيت الرحل أولا قبل البدء في الممارسة النقدية.

فكان اختياره على مستوى المرجعيات مخالفا لما ألفناه عند من سبقوه، إذ لم يكن طه عبد الرحمن ناقدا فقط، بل جمع بين النقد والبناء والإنشاء والإبداع، فقد توسل في عمله وسائل ومفاهيم وطرائق تضاهي في قوتها المنهجية وسائل الحداثيين العرب، إن لم تتعداها جدة ودقة؛ لأن مستنده لم يكن النظر العميق التقليدي، وإنما كان مستجدات البحث المنهجي الصريح.

4

استمد وسائله المنهجية ومفاهيمها النظرية من علمين دقيقين عرفا منذ زمن يسير «انقلابا» في أدواتهما ومبادئهما ومضمونهما:

5

علم اللسانيات بأقسامه الثلاثة: الداليات والدلاليات والتداوليات، التي اعتمد عليها في قسم كبير في كتابه «أصول الحوار» وأصبحت مصطلحا ملازما له في كل أبحاثه، باعتباره أوفى المصطلحات بالغرض من غيرها، واشتق منه مفهوم «المجال التداولي».

Bog aan la aqoon