Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
Noocyada
فإذا كان كمال عبد اللطيف يرى في جهوده تأصيلا منهجيا ومساهمة في تأسيس مقالة قوية في المنهج
155
من خلال محاولاته تفكيك أصول التراث بالنقد والتحليل والهدم، فإننا نرى أن التأصيل المنهجي لا يكون باستعارة أدوات خارجية ومخاصمة للأدوات التي أنتجتها هذه الثقافة؛ ولهذا لا اعتبار للخلاصات التي انتهى إليها كمال عبد اللطيف إلا من باب التسويق لهذا النموذج، ومحاولة تبديد الجهود واستغفال العقول، فالتأمل في الأدوات التي اشتغل عليها أركون لا يعدو أن يكون تكرارا لما ألفه تاريخ الفكر الإسلامي في الدراسات الاستشراقية من نصب العداء لهذه الثقافة وتحنيط لمقوماتها وتحييدها عن جهود البناء والمعركة الحضارية التي تخوضها الأمة، إذ لا مجال للتحديث والتجديد إلا من داخل أصولنا ومرجعيتنا الفكرية، مع الانفتاح الواعي والناضج على الآخر الإنساني - لا الغرب وحده.
صحيح أن أركون اجتهد على مستوى المنجزات النظرية، وتعامل مع المدارس المنهجية الفكرية الغربية تعاملا يوحي بهضمه لهذه الآليات، وهو الذي اشتغل أزيد من ثلاثين سنة في السوربون باحثا ومنظرا حتى لقب برائد ومجدد الفكر الإسلامي، لكن جهوده النقدية اتجهت - للأسف - ليس إلى البناء كما روج له بعض المعجبين به،
156
وإنما كان غرضه التفكيك؛ تفكيك آليات العقل الإسلامي على غرار التجربة الغربية التي انخرط في مشروعها منذ هايدغر مرورا بدريدا الذي طور آليات العبث والتبديد للمدرسة التفكيكية في جو غير جو المجتمع الفرنسي الرافض لهذا النوع من المغامرة في تبديد معطيات الثقافة الفرنسية وأسس ثورتها، فإذا «فشل البنيويون في تحقيق المعنى، فإن التفكيكيين نجحوا في تحقيق اللامعنى، ورفضوا كل شيء ولم يقدموا بديلا أو بدائل مقنعة»،
157
فسار الخطاب النقدي العربي الحداثي مسير نظيره الغربي شكلا ومضمونا، ويستخدمون المصطلح النقدي الغربي بكل دلالته، وهو مشبع بتصورات الفلسفة الغربية، ومتحيز لمركزيته ف «يصلون إلى نفس النتائج التي توصلت إليها الحداثة الغربية في تعاملها مع النصوص: فلا نص ولا دلالة ثابتة، لا تفسير نهائي للنص، لا تفسير مفضل أو موثوق به، كل القراءات إساءة قراءات ...»
158
هكذا «فشل النقاد الحداثيون في بحث مصطلح نقدي خاص بهم، تمتد جذوره في واقعنا الثقافي العربي، وفي تنقية المصطلح الوافد من عوالقه الثقافية الغربية، وعن مناخه الفكري والاجتماعي والسياسي، الذي أنتجه (...) وهنا تكمن الأزمة الحقيقية للنقاد الحداثيين العرب»،
Bog aan la aqoon