Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
Noocyada
لهذا فإن القياس الحضاري وعي منهزم.
يمثل محمد أركون في الفكر العربي المعاصر أحد الاتجاهات التمجيدية والتبجيلية لفكر الحداثة ومنجزاتها، ويدعو إلى الانخراط غير المشروط في أدواتها وتجاوز الماضي العربي وتراثه ومنطلقاته،
152
ومصطلحاته ولغته؛ لأنها غير قادرة على المواكبة، ومرتبطة بنص (الوحي) مما يعوق عملية الإبداع عكس اللغات الأوروبية.
فعمل على إنزال - كما قلنا - كل السلالات المفاهيمية للحداثة لافتضاض العقل الإسلامي، وتخريب ثوابته والتشكيك فيها، وزحزحتها؛ لهذا كانت واحدة من الثغرات المنهجية في هذا المشروع؛ عجزه عن صياغة مفهوم نقدي عربي قادر على قراءة مشكلات الفكر العربي المعاصر، مما يجعل أركون عبارة عن «تقني يطبق وينفذ المناهج الغربية على التراث العربي الإسلامي»،
153
دون إخضاعها للمساءلة والنقد، وهو قادر على ذلك - لو أراد - في صرامة متناهية، لكن الانبهار بالحداثة والتقليد المرذول حال دون هذه العملية، وكان موقفه - كما جميع الحداثيين العرب - أكثر ضعفا من المواقف التي وصفها بالأرثوذكسية والسلفية؛ لأنه فشل في تقديم بديل أو بدائل مقنعة.
وقد كان هذا الموقف يلازمه في كل خطوات بحثه، من أن المناخ الثقافي العربي غير مستعد لقبول هذه الأطروحات، وإن كان كمال عبد اللطيف ذهب عكس ما قلناه، حين أكد أن أركون على المستوى المنهجي كان أشد حرصا على «التجديد المنهجي في المقاربة والمعالجة، وعلى كتابة مقالات ذات طابع منهجي صرف، أكثر مما نلاحظ وقوفه على نتائج وخلاصات نهائية»،
154
لكن هذا الحرص المنهجي بقي محدودا في عطائه، وملتزما بمجال غير مجال الفكر العربي الإسلامي بعيدا عن اهتماماته وانشغالاته؛ ولهذا يعاب على أركون - كما يقول الجابري - هروبه إلى الأمام وغموضه على مستوى الرؤية والمآلات من خلال تأسيسه لعلاقة تنافر وعداء مع أصول الثقافة العربية الإسلامية.
Bog aan la aqoon