400

Buugga Aragtiyaha

كتاب المناظر

Noocyada

[104] فأما كيف يكون غلط البصر في القياس من أجل خروج الضوء الذي في المبصر عن عرض الاعتدال فكالبصر الذي يدرك في سواد الليل فارسين أو راجلين أو بهيمتين مجتازتين على مسافتين معترضتين للبصر، ويكون أحدهما متأخرا عن الأخر، ويكون بعدهما عن البصر بعدا مقتدرا ومن الأبعاد المعتدلة، ويكون أحدهما أقرب إلى البصر من الأخر ولا يكون الاختلاف الذي بين بعديهما متفاوتا، فإن البصر إذا أدرك شخصين على هذه الصفة في سواد الليل فإنه يدرك التفرق الذي بينها بحسب ما يقتضيه تأخر أحدهما عن الأخر، ويدركهما كأنهما متحركان على مسافة واحدة معترضة، ولا يدرك الاختلاف الذي بين بعديهما إذا لم يكن أقر بهما شديد القرب من البصر. فذلك لأن البصر إنما يدرك اختلاف أبعاد المبصرات إذا أدرك مقادير أبعاد تلك المبصرات وأدرك زيادة بعضها على بعض، وإذا كان أحد البعدين يشبه الأخر. ومقادير أبعاد المبصرات إنما يدركها البصر إذا كانت أبعادها تسامت أجساما مرتبة متصلة وكان البصر يدرك تلك الأجسام ويدرك مقاديرها. وإذا أدرك البصر المبصرين اللذين بهذه الصفة في سواد الليل فليس يدرك سطح الأرض المتوسط بينه وبينهما إدراكا صحيحا ولا يتحقق مقداره من أجل ظلمة الليل. وإذا لم يدرك سطح الأرض في تلك الحال إدراكا صحيحا، ولم يتحقق مقدار المسافة التي بينه وبين ذينك المبصرين فليس يدرك زيادة بعد أحدهما على بعد الأخر ولا يدرك اختلاف بعديهما. وإذا لم يدرك اختلاف بعديهما فإنه يظنهما متحركين على مسافة واحدة معترضة وأن بعديهما عنه متساويان وليس بين بعديهما اختلاف يعتد به ولا يفرق بين بعد أبعدهما وبين بعد أقربهما

Bogga 463