217

Buugga Aragtiyaha

كتاب المناظر

Noocyada

[143] وهذا المعنى كثيرا <ما> يتكرر على البصر دائما، أعني تباعد المبصر وقربه. فإن المبصرات تبعد دائما عن البصر ويبعد البصر عنها دائما وتقرب من البصر ويقرب البصر منها دائما، والبصر يدركها مع تباعدها ويدرك تصاغر مواضع صورها عند البصر من تباعدها ويدرك تعاظم مواضع صورها من البصر عند تقاربها. فمن تكرر هذا المعنى على البصر قد تقرر في النفس وعند القوة المميزة أن المبصر كلما تباعد عن البصر صغر موضع صورته من البصر وصغرت الزاوية التي يوترها المبصر عند مركز البصر. وإذا تقرر في التمييز أن المبصر كلما تباعد عن البصر صغر موضع صورته من البصر وصغرت الزاوية التي يوترها المبصر عند مركز البصر، فقد استقر في التمييز أن الموضع الذي تحصل فيه صورة المبصر والزاوية التي يوترها المبصر عند مركز البصر إنما يكونان بحسب بعد المبصر عن البصر. وإذا كان قد استقر في النفس أن الزاوية والموضع من البصر الذي تحصل فيه صورة المبصر إنما يكونان بحسب بعد المبصر، فالقوة المميزة عند تمييزها لمقدار المبصر ليس تعتبر بالزاوية فقط وإنما تعتبر بالزاوية والبعد معا، لأنه قد استقر عندها أن الزاوية إنما تكون بحسب البعد. فمقدار المبصرات إنما يدرك بالتمييز والقياس. والقياس الذي به يدرك مقدار المبصر هو قياس قاعدة مخروط الشعاع التي هي سطح المبصر بزاوية المخروط وبمقدار طول المخروط الذي هو بعد المبصر عن البصر، واعتبار القوة المميزة إنما هو بالجزء من سطح العضو الحاس الذي تحصل فيه صورة المبصر مع الاعتبار ببعد المبصر عن سطح البصر. إلا أن مقدار الجزء الذي تحصل فيه الصورة إنما يكون أبدا بحسب مقدار الزاوية التي يوترها ذلك الجزء عند مركز البصر، وبعد المبصر عن سطح البصر ليس بينه وبين بعده عن مركز البصر في أكثر الأحوال تفاوت يؤثر في البعد.

Bogga 277