[4] فلو كان الإبصار يكون بالمماسة لكان البصر لا يدرك جملة المبصر ولا يتحقق شكله وصورته إلا إذا كان البصر مساويا للمبصر أو كان المبصر مساويا للجزء المتوسط من سطح البصر الذي منه يكون الإبصار، وكان مع ذلك لا يمكن أن يدرك البصر مبصرات كثيرة في وقت واحد ويكون إدراكه لها معا. وإذا كان البصر على ما هو عليه، وكان بينه وبين المبصر بعد ما، فإنه يمكن أن يدرك جميع المبصر معا في الوقت الواحد من الجزء اليسير الذي في وسطه الذي منه يكون الإحساس وإن عظم المبصر، ويمكن أن يدرك مبصرات كثيرة معا في وقت واحد. وإذا كان بالبعد من البصر أمكن أيضا أن يشرق الضوء على سطحه المواجه للبصر. فلهاتين العلتين صار البصر لا يدرك شيئا من المبصرات إلا إذا كان بينه وبينه بعد ما.
[5] فأما لم ليس يدرك البصر المبصر الذي هو معه في هواء واحد وفي الجهة المقابلة له إلا إذا كان بين كل نقطة منه وبين نقطة ما من سطح الجزء الذي منه يكون الإبصار من سطح البصر خط مستقيم فلأنه قد تبين أن الإبصار إنما يكون من الصورة التي ترد من المبصر إلى البصر وأن الصور ليس تصدر عن المبصرات إلا على خطوط مستقيمة. فلهذه العلة ليس يدرك البصر المبصر إلا إذا كانت بينه وبينه خطوط مستقيمة، ومتى قطع جميع الخطوط المستقيمة التي بينه وبينه جسم كثيف خفي المبصر عن البصر، ومتى قطع الجسم الكثيف بعض الخطوط المستقيمة التي بين المبصر وبين سطح البصر خفي من المبصر الجزء الذي عند أطراف الخطوط التي انقطعت بالجسم الكثيف.
Bogga 191