[77] فأما لم تلتقي الصورتان في حال إدراك المبصر الواحد واحدا وليس تلتقيان في حال إدراكه اثنين فلأن المبصر الواحد إذا أدرك بالبصرين، وكان وضع البصرين وضعهما الطبيعي، كان وضع البصرين من المبصر الواحد وضعا متشابها، فتحصل صورة المبصر الواحد في موضعين متشابهي الوضع من البصرين. وإذا ميل وضع البصرين اختلف وضع البصرين من ذلك المبصر، فتحصل صورتا ذلك المبصر في موضعين من البصرين مختلفي الوضع من البصرين. وقد تقدم في هيئة البصر أن العصبة المشتركة وضعها من البصرين وضع متشابه. وإذا كان وضع العصبة المشتركة من البصرين وضعا متشابها كان وضع الموضعين المتشابهي الوضع من البصرين من موضع واحد بعينه من العصبة المشتركة وضعا متشابها. فإذا امتدت الصورتان من الموضعين المتشابهي الوضع انتهتا إلى ذلك الموضع الواحد بعينه من العصبة المشتركة الذي وضعه من ذينك الموضعين وضع متشابه، فتنطبق الصورتان إحديهما على الأخرى وتصيران صورة واحدة.
[78] والموضعان المختلفا الوضع من البصرين ليس يكون وضعهما من موضع واحد بعينه من العصبة المشتركة وضعا متشابها. فإذا امتدت الصورتان من الموضعين المختلفي الوضع وانتهتا إلى العصبة المشتركة فإنهما تنتهيان إلى موضعين من هذه العصبة لا إلى موضع واحد، فتحصلان قي هذه العصبة صورتين، وكذلك يدرك المبصر الواحد الذي على هذه الصفة اثنين.
[79] وإنما التقت العصبتان اللتان تنشؤان من مقدم الدماغ اللتان هما مبدأ البصرين وفي الموضع الذي وضعه من البصرين وضع متشابه، وصار تجويفهما تجويفا واحدا، لتجتمع الصورتان اللتان تحصلان في البصرين للمبصر الواحد عند هذه العصبة وتصيران صورة واحدة، فيدرك الحاس الأخير المبصر الواحد واحدا. فجميع الصور التي تحصل في البصرين من صور المبصرات تمتد من البصرين في العصبتين الجوفاوين وتنتهي إلى تجويف العصبة المشتركة، والصورتان اللتان تحصلان في البصرين للمبصر الواحد في حال إدراكه واحدا تلتقيان في تجويف هذه العصبة وتحصلان صورة واحدة، ومن الصور التي تحصل في هذه العصبة يدرك الحاس الأخير صور المبصرات.
Bogga 167