من الجهال لا محالة.
وقال قوم يمدحونه: كان بليغا.
والبلاغة لا محالة مقصورة على علي عليه السلام لا ينازع فيها ولا يساوى به أحد في شيء منها، وهو من معدن اللسن وينبوع البلاغة، وإنما يحمل البلاغة في الحق والصدق، فأما في الجهل والضلالة فالعي خير منها لا محالة، لأن البلاغة في الضلالة فتنة للجهال وزيادة في أثم متعاطيها المنسوب إليها، والعي الصامت على ضلالته أسلم من المتكلم بجهالته.
وروي: أن عليا صلوات الله عليه خطب بخطبة فانتهت إلى معاوية فقال لعمرو بن العاص: والله لوددت أن هذه الخطبة كانت لي، وأن لعلي بها دوني حمر النعم.
فقال له عمرو: وما يمنعك منها اخطب بها وأدعها لنفسك، فالإمامة التي نازعته إياها أكبر منها، فواحد يصدقك وآخر يصدق عليا.
فقبل ذلك من رأيه وخطب بها وادعاها.
ووصفوه بالحلم، وقد تقدم ذكر نقض ذلك وأنه لا يعد حليما من قتل المؤمنين ظلما، وانتهك محارمهم، واستحل ما حرم الله منهم، ولا سفه أعظم من هذا.
وقد قيل: إنه كان يتعرض لمن يشتمه فيحلم عنه، ليذكر بالحلم.
وقالوا: ليس بحليم من تعرض للسفيه.
ووصفوه بالدهاء والمكر، وقد ذكرنا أن ذلك ليس من أهل الفضل، وقول علي عليه السلام: «لو استحسنت المكر ما كان معاوية أمكر مني» (1) مع أكثر ما ناله بالمكر.
فعن عمرو بن العاص أخذه وهو فتقه له، وكان هو وعمرو بن العاص أشهر في قتل عثمان، وأرغب فيه ممن قاما في ذلك بزعمهما عليه، فأما معاوية فلما تسبب به
Bogga 267