242

Al-Manaqib wa-l-matalib

المناقب والمثالب

Noocyada

[مقتل عثمان]

إنما كان معاوية عاملا لمن تقدم قبل علي عليه السلام، فلما أفضى الأمر إليه على قولهم فعزله، لم يكن له أن يخالف أمره، وحرم عليه المقام فيما عزله عنه، فلم يمتثل ذلك من أمره بل عصاه وخالفه وتعداه ونصب له وألب عليه، وقام بدم عثمان ابن عمه وليس هو ولي دمه، ولا له أن ينظر في ذلك لأوليائه، وإنما قال جل ذكره: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا (1) فإن كان عثمان قتل مظلوما، فليس لأولياء دمه أن يطلبوا به عند غير الإمام، ولا لهم أن ينتصفوا من ذلك دونه ممن ادعوه عليه وناظرهم فيه، إلا بحكم الإمام المنصوب للأحكام بين الأنام، فما قضى من ذلك عمل به.

على هذا بني الإسلام وبه جاء الرسول ونطق الكتاب، لا على أن يكون من ادعى حقا على غيره انتصف منه بيده واستعان على ذلك بغيره، وإنما هذه أفعال الجاهلية الخارجة عن أحكام الأمم الملية، فأحياها معاوية وأقامها ودعى بالدنيا من آثرها، فأجابه إليها من طغام الشام وأهل الجهالة بأحكام الإسلام، وثبت مع علي عليه السلام خيار الصحابة من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان، وامتاز الفريقان وتحاجز الجمعان وكان من أمرهم في ذلك ما قد كان، واستقصاء الحجج كما ذكرنا في هذا الباب يخرج عن حد هذا الكتاب، وذلك مثبت في كتاب الإمامة، وإنما قصدنا هاهنا إلى إبطال دعوى معاوية للخلافة ومن تسبب به من بني أمية، فذكرنا من ذلك نكتا وجملا في ذلك خاصة، دون ما تقدم قبل ذلك، إذ لم يكن قصدنا إليه ولا ابتداء قولنا فيه، وسنذكر بعد هذا الباب إن شاء الله تعالى ما يؤيد ذكر ما شبه به معاوية من المحال، لجاز له ما شبه من ذلك على الجهال.

Bogga 248