قال زهير: أنا أبدؤكم فأكون أولكم يتكلم.
فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة له، فطاف بالبيت (سبعا) (1) ثم أقبل على الناس فقال: يا أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم بيننا هلكى، لا يباعون ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.
قال أبو جهل وكان في ناحية المسجد: كذبت وبيت الله لا تشق.
قال زمعة بن الأسود: أنت والله أكذب ما رضينا كتابها حين كتبت.
قال أبو البختري: صدق زمعة، لا نرضى ما كتب فيها ولا نقر به.
قال المطعم بن عدي: صدقتما وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها.
وقال هشام بن عمرو نحوا من ذلك.
قال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل وتشور فيه بغير هذا المكان.
وأبو طالب جالس في ناحية المسجد، وقام المطعم بن عدي إلى الصحيفة ليشقها، فوجد الأرضة قد أكلتها فلم يبق فيها من الكتاب إلا باسمك اللهم، وكان الذي كتبها منصور بن عكرمة فشلت يده، فمزقها المطعم على ما هي عليه وقال: إن لكم في هذه الآية.
وقال أبو طالب يذكر ذلك ويمدح القوم الذين قاموا في إبطال الصحيفة:
ألا هل أتى بحرينا صنع ربنا
على نأيهم والله بالناس أرود
فيخبرهم أن الصحيفة مزقت
وإن كل ما لم يرضه الله يفسد
تراوحها أفك وسحر مجمع
ولم يلف سحر آخر الدهر يصعد
تداعى لها من ليس فيها بقرقر
فطائرها في رأسها يتردد
Bogga 127