وقال لعمارة وعمرو: اذهبا فو الله لا أسلمهم إلى أحد.
فخرجا من عنده سوء خروج، فأما عمارة فيئس من النجاشي وأعرض عن ذكر القوم، وأما عمرو بن العاص فقال: والله لا أدعهم حتى أهلكهم على يدي النجاشي ثم مشى إلى البطارقة الذين أرضاهم بالهدايا فقال: استأذنوا لي على الملك، فإني أخبره عن هؤلاء القوم بقول يقولونه في عيسى لا يحل له معه أن يبقى أحد منهم على وجه الأرض.
فأعلموه بذلك، فأذن له فقال: أيها الملك إن هؤلاء النفر الذين أتوك يقولون في عيسى عليه السلام قولا عظيما، فأرسل إليهم فاسألهم عنه، فإن جاز لك تركهم على ما يقولون فأنت أعلم.
فدعاهم بحضرته فقال: ما تقولون في عيسى؟
قال جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاء به نبينا إنه عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودا وقال: ما عدا عيسى بن مريم مما قلت هذا العود، اذهبوا فأنتم آمنون ما أحب أن لي جبلا من ذهب وأني أتيت إلى أحد منكم شيئا يكرهه.
ثم أمر برد هدية قريش على عمارة وعمرو بن العاص وقال: لا حاجة لي بها، فو الله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد إلي ملكي فأخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه (1).
وقد كان انتزع ملك الحبشة من يدي أبيه وسبى هو ثم صار إليه ملك الحبشة بعد ذلك في خبر طويل.
Bogga 110