فقاموا إليه فقالوا: مالك يا أبا الحكم؟
قال: لما دنوت منه عرض لي فحل من الإبل والله ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه فاغرا فاه إلي، ما ظننت أني أنجو منه.
فقال بعضهم لبعض: قد والله نزل بنا من محمد ما لم ينزل بقوم من رجل قبله (1).
وجعلوا يذكرون ما نقموا عليه فلم يروا إلا التشديد على من اتبعه منهم، فجعل كل قوم منهم ينالون ممن أسلم من جماعتهم ويعذبونهم ويضربونهم ويؤذونهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأذن لهم في الهجرة إلى أرض الحبشة، فخرج جماعة منهم وكان ذلك سبب إسلام النجاشي لما صاروا إليه، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بعض من هاجر منهم أن يدعوه، وكان عدد من هاجر من المسلمين إلى أرض الحبشة ثلاثة وثمانين رجلا سوى من معهم من نسائهم وأولادهم، فأحسن النجاشي نزلهم وبرهم وأكرمهم ونبذ من جاء من مشركي قريش.
[إلى أرض الحبشة]
وقيل: إن بني عبد شمس لما رأوا ذلك تحيروا من دهاتهم، وأفضل من فيهم عمارة بن الوليد وعمرو بن العاص لعنهم الله، وجمعوا مالا عظيما فاشتروا من ألطاف الحجاز وهدايا كثيرة، وبعثوا بها معهما إلى ملك الحبشة وإلى جميع رجاله فخرجا بالهدايا، فلما وصلا إلى أرض الحبشة أوصلا إلى بطارقة النجاشي هداياهم وأوصلا هديته إليه، وذكرهم البطارقة له فأدخلهما إليه فقالا: أيها الملك إنه قد صار إلى بلادك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وأتوا ببدعة لا تعرفها أنت ولا نحن، وقد أرسلنا إليك أشراف قومنا من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم.
Bogga 108