ذلك ما ذكره في روضة الأحباب:
ودعوتني وعملت أنك ناصحي * ولقد صدقت وكنت فيه أمينا أظهرت قد علمت بأنه * من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذاري سبة * لو جدتني سمحا بذاك مبينا (1) لا يقال: قوله: لولا الملامة، يدل على أنه لم يسمح بالايمان.
لأنا نقول: غاية ما يشعر به أنه لم يسمح بإظهار الايمان وابانته، حذرا أن لا يتمكن مع ذلك من نصرة الرسول صلى الله عليه وآله والذب عنه، لأنه قال: لولا الملامة لو جدتني سمحا مبينا. وهذا لا ينافي أن يكون في الحال سمحا غير مبين وغير مظهر، على أنه غير صريح في أن المشار إليه بلفظة (ذاك) هو الايمان أو اظهاره، فلا يبعد أن يكون المشار إليه المجاهرة والمكاشفة وسب آلهتهم حتى لا يتناقض أول الكلام وآخره.
وليت شعري إذا سمح بالايمان واظهاره، أي قول كان يصدر منه أقوى وأصرح من الشهادة له بالصدق والنصح، وبأن دينه من خير أديان الخلائق.
وأيضا إذا دل أول الكلام على الاسلام كان حجة لنا على الخصوم، لشهادتهم بأنه من قوله، وإذا ناقضه البيت الأخير فلا حجة فيه علينا، لأنا لا نعترف بأنه من قوله، ولا يبعد أن يكون من بعض أعداء أهل البيت، ألحقه بالابيات المتقدمة، لما رأى أنها صريحة في ايمانه.
وفي ذلك ما ذكره ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة:
أعوذ برب البيت من كل باغ (2) * علينا بسوء أو يلوح بباطل ومن فاجر يغتابنا بمغيبة * ومن ملحق في الدين ما لم نحاول كذبتم وبيت الله يبزى محمد * ولما نطاعن دونه ونناضل
Bogga 52