131

ونحن نقول : لم لا يجوز أن يعدم للفاعل؟ وما ذكروه لبيانه نفس الدعوى ، فيكون مصادرة على المطلوب.

وأيضا لم لا يجوز أن يكون للعلم ضد يخرج به الإنسان عن العلم ثم يطرأ عليه الشك؟ وذلك الضد غير معلوم.

وبالجملة ضعف هذه الحجة لا يخفى.

** مسألة

عن عدم العلم عما من شأنه أن يكون علما بعد حصوله ، وهو مذهب أبي إسحاق وقاضي القضاة ، وذهب الشيخان الى أنه معنى يضاد العلم ، وهو مذهب لأبي إسحاق أيضا وأبي عبد الله ، لكن أبا عبد الله تارة يقول : إنه مقدور للعباد ولكنه لا يصدر عنهم لفقد الدواعي ، وتارة يقول : إنه غير مقدور عليه أصلا وهو ظاهر قول الشيخين.

ودليلنا في ذلك أن الواحد منا لا يجد من نفسه أمرا زائدا على فقدان العلم حالة السهو ، أما الشك فذهب أبو علي الى أنه معنى يضاد العلم وهو قول ابي القاسم ، وذهب جماهير المعتزلة الى انه ليس بمعنى مضاد للعلم ، وقد مر الكلام فيه.

** تتمة كلام في هذا الباب

العلم منه ضروري ومنه كسبي ، والضروريات قد مضى بيان اقسامها ، لكن وقع الخلاف في المتواترات ، فذهب الأوائل الى أنها ضرورية ووافقهم على ذلك البصريون ، وذهب أبو القاسم الكعبي وابو الحسين البصري الى أنه كسبي.

واحتج ابو الحسين بأن الكسبي هو الذي يتوقف على نظر واستدلال وهو متحقق هاهنا ، فان العلم بذلك إنما يحصل بعد العلم بأن المخبرين (1) قد أخبروا عما لا لبس فيه ، وليس أخبارهم مستندا الى النظر حتى يجوز الخطأ فيه ، وأنه قد أخبر

Bogga 173