وقد رجع إليه كثير من علماء العصر أيضا، قال الأستاذ طبارة في كتابه (روح الدين الإسلامي) ما لفظه: فالأخذ بالأحسن نزعة جديدة في الإخلاص للحقائق لم تتجل على أكمل حالاتها إلا لدى مفكري القرن التاسع عشر الذين أدركوا أن الحقائق المطلقة لا يمكن أن تكون وقفا على فلسفة مقررة محدودة، بل يجب عليهم أن يأخذوا بأحسن ما يجدونه في جميع الفلسفات، وأن أسلوبا واحدا من البحث لا يصح أن يحتكر أحسن طرق الوصول إليها.
ثم قال: وهذا المبدأ هو الذي دعت إليه الحكمة القرآنية منذ أربعة عشر قرنا في قوله تعالى: {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب}[الزمر:18]، ففي هذه الآية أمر الله المسلمين أن يستمعوا كل قول ويستعرضوا كل مذهب وأن لا يحملهم التعصب للرأي أن يرفضوا أي رأي دون تفهم وتمحيص، بل ليأخذوا من بينها ما يجدونه الأحسن...إلخ. انتهى.
قلت: وفي قوله: (لم تتجل على أكمل حالاتها لدى مفكري القرن التاسع عشر).. في هذا القول جهل بفقه الزيدية ومذهبهم فإنهم قد سبقوا إلى هذا القول منذ القرن الأول في الإسلام، ولعل الأستاذ طبارة له عذره بعدم اطلاعه على مذهبهم.
Bogga 30