ولقد رأينا كيف صحة الحكم في قضية مفطرات الصائم، فالزيدية يذهبون إلى أنه لا يفطر الصائم من الأكل والشرب إلا ما وصل الجوف بنفسه جاريا في الحلق من خارجه، ومن العلماء من ذهب أنه يفطر الصائم كل ما وصل إلى الجوف مطلقا.
وبموجب القيود هذه عند الزيدية لا يمتنع على الصائم أن ينظف فمه وأنفه وأن يستعمل الدواء بحقنة في الجلد، وأن يدخل العلاج أو يده في شجة الجرح الذي قد يقع عليه في الجلد إلى اللحم دون أن يفسد صومه أبدا {وما جعل عليكم في الدين من حرج}[الحج:78].
ولقد أصبح المسلمون عموما، ومنهم الكثير من الشافعية والحنفية وغيرهم يعملون بهذا ويقلدون الزيدية خروجا عن المأثور لهم في وجوب اتباع من يقلدون.
ورأينا من الخلافات الشيء الكثير الذي يمكن الجمع بين الأقوال فيها باتباع المذهب الزيدي كتشريع عام.
فمثلا عقد النكاح، نجد الشافعية يشترطون لصحة العقد كونه من الولي ولا يشترطون الإشهاد عليه.
ونجد الحنفية يشترطون الإشهاد عليه، ويجوزون للمرأة العاقلة أن تزوج نفسها مع الإشهاد.
ونجد الزيدية يشترطون لصحة النكاح كونه بولي وشهود ورضاء، فمذهب الزيدية جامع للأقوال وغير ناقض لأي منها.
وبهذا يصح لنا القول أن عقد النكاح على المذهب الزيدي صحيح عند كل الفرق، والعقد على المذهب الشافعي أو على المذهب الحنفي لا يكون صحيحا إلا عند اتباع كل منهما في مذهبه فقط.
وقد علمنا أن الحكومات الإسلامية أصبحت تقلد المذهب الزيدي في أخذ الزكاة (الضرائب الواجبة) من أرباب الفنادق والعمارات [والأموال] المستغلة.
بينما كانت أكثرها تقلد المذاهب الأربعة التي لا ترى مشروعية في وجوب الزكاة على المستغلات، مثل العمارات المؤجرة [والمصانع وغيرها].
وقد اضطر علماء العصر إلى توضيح العمل بذلك والأخذ به تماما كما هو معمول به في المذهب الزيدي.
Bogga 28