وهناك عالجها حتى استفاقت فقال لها بصوت يتهدج من الحنو: ما هذا الذي فعلته يا أختي؟ أتريدين إهلاك ولدك ونحن قد سفكنا دمنا في سبيله؟! إننا ذهبنا أربعين رجلا في خدمته فعدنا ونحن لا نتجاوز أربعة عشر.
قالت: أواه يا أخي! إن عذابي شديد لا يدركه غير الأمهات؛ فإني ألقى أشد العذاب منذ ثمانية عشر عاما. أيكون لي ولد ولا يحق لي أن أراه وأقيم وإياه، بل لا يحق لي أن أقول له إنك ولدي. إنك لو أصبت بمثل نكبتي لأشفقت علي. - ولكن تمعني يا أختي، فماذا كان مصير ولدك لو بقي بجانبك أما كان نوريا فقيرا معدما مثلنا؛ فإني لولا طمعي بمرقاته لما تجاسرت على سرقة الكنز.
وهو بدلا من أن يكون شقيا شريدا أصبح غنيا شريفا وقائدا كبيرا ولوردا في مجلس الأعيان، وهو سيتزوج أشرف فتاة من الإنكليز، ويوقع الملك بخط يده على صك زواجه، وفي هذا المساء سيدعوه الملك إلى تقبيل يده ويتعشى وإياه على مائدة واحدة، فإلى أي مكان تريدين أن يرتقي بعد هذا الارتقاء؟!
فلم تجبه، واستمرت في بكائها، فقال لها: أتريدين الآن أن يقذفوا به من قمة المجد التي رفعناه إليها، فيسقط إلى حضيض الذل والهوان ويطردونه كما يطردون الخدم، فيقولون له: إنك لست المركيز روجر دي إسبرتهون، ولست ابن حاكم الهند الشرعي، بل أنت أميري النوري اللقيط الذي قضي على أهله أن يضربوا في الأرض أذلاء متشردين؟ ألا تعلمين أيتها المنكودة من هي هذه الفتاة التي كنت وإياها في المركبة؟
قالت: كلا.
قال: إنها ألد أعدائنا فهي مس ألن ربيبة السير روبرت، أي توبسي ابنة ناثائيل. أفهمت الآن؟
فأطرقت برأسها ولم تجب، فقال لها: لا أنكر أنك تتألمين لفراق ولدك، لكنك تتنعمين بفوزه الباهر واسمه الشريف، وإني أريد أن أزيد نعيمه فأزوجه بأشرف فتيات المملكة، ويكون له من السعادة ما لا ينال بالأماني والأحلام.
قالت: إني سأفعل ما تريده يا أخي. أتريد أن أبرح إنكلترا وأنفي نفسي في سبيل مجد ولدي؟
قال: كلا. إني لا أسألك هذه التضحية. وكل ما أريده منك هو أن لا تعرضي نفسك للافتضاح كما فعلت اليوم.
قالت: سيكون ما تريد.
Bog aan la aqoon