ثم إن السير روبرت كان قد وعدها بأن يلتمس له العفو ولم يف بوعده، فجاءت إلى ساحة العقاب على رجاء أن تلتمس له العفو بنفسها حين يأتي به الجنود.
وكان الناس يتقاطرون من كل جهة، وقد غصت بهم الساحة على رحبها، واشتد جزع مس ألن، فأرادت أن تشغل نفسها، ورأت رجلا هنديا يعزف بالناي وامرأة هندية ترقص على عزفه، فدنت منهما كي تتلهى بهذا المشهد، وسمعت المرأة تنشد أناشيد هندية وهي ترقص.
فكانت هذه المرأة بارعة في الجمال وهي ترقص رقصا عجيبا شغل مس ألن عما هي فيه.
أما الهندية فإنها ما زالت ترقص حتى أنهكها التعب، فجلست متربعة على الأرض على الطريقة الشرقية، وأخذ الناس يلقون لها البنسات وغيرها من النقود الصغيرة.
ولكنها لم تكن تعبأ بشيء من ذلك، بل جعلت تنظر إلى السماء وقد شخصت إليها بحيث باتت شبه المأخوذة، وجعلت تتحدث باللغة الإنكليزية كأنها تناجي نفسها فتقول: أنا دابي ناتا ابنة الكهنة وحارسة كنز الإله سيوا، وأنا التي حكموا علي أن أعيش كل عمري في جوف الأرض لحراسة الكنز وإنارته بالنيران المقدسة، وأي كنز هو؟ فإن الذهب كان متكدسا كحب الرمال واللآلئ ، كأعشاب الحقول، فكنت أحرس هذا الكنز وأقول: أقدر لعيني أن لا ترى نور الشمس ولقلبي أن لا يعرف الحب. وفيما أنا على ذلك تجاسر رجل من الجنس الأبيض على الدخول إلي ومحادثتي بكلمات الحب.
فوضع رفيقها الهندي يده على كتفها يحاول منعها عن الكلام، ولكن مس ألن أعطته جنيهين، وأمرته أن يدعها تتكلم، فمضت في حديثها فقالت: إنه كان جميلا، وكنت أحبه، ولكن هذا الرجل كان خائنا؛ فإنه لم يكن يريد حبي، بل كان يريد اختلاس كنز الإله سيوا.
فقالت لها مس ألن: وماذا فعل هذا الرجل؟ أسرق الكنز؟
قالت: نعم. - كيف كان هذا الرجل؟ - إني حين عرفته كان لا يزال غلاما؛ فإن هذه الحادثة جرت منذ سبعة عشر عاما. - أحق ما تقولين؟ - نعم. فقد كانت عيناه تبرقان كالنجوم، وشفتاه كالقرمز، وأسنانه بيضاء كاللآلئ، وشعره أشد سوادا من الفحم. - أكنت تحبينه؟ - نعم بقدر ما أبغضه الآن؛ فإني ما اجتزت البحار وما برحت بلاد الشمس إلى بلاد الظلام إلا لعلمي أنه في أوربا، ولكن أوربا كبيرة؛ ولذلك فإني أبحث عنه منذ عشرة أعوام دون أن أراه.
وكانت مس ألن تسمع حديثها وقد خامرها ريب بسارق الكنز، وخطر لها خاطر بشأنه، فقالت لها: ماذا تصنعين إذا وجدته؟
فجردت الهندية خنجرا وقالت: إني طليت رأس هذا الخنجر بالسم، فمن أصيب به لا يشفى. - أين تقيمين في لندرا؟
Bog aan la aqoon