وكان يجري في الجهة اليسرى من المضرب حادثة أخرى، وهي أن جميع رجال الطائفة وغلمانها كانوا واقفين بانتظام وقد ركز أمامهم لوح كبير من الخشب، ووقف رجل مسندا ظهره إلى هذا اللوح باسطا ذراعيه عليه؛ فكان يشبه بجملته شكل صليب.
وقد برز رجل من صف الواقفين فوقف على مسافة عشر خطوات من اللوح، وعند قدميه كثير من الخناجر الحادة الطرف، فكان يأخذ الخنجر ويرمي به اللوح فيشك به على قيد أصبع من وجه الرجل المصلوب، ثم يأخذ غيره ويرمي به، وهكذا على التوالي إلى أن يشك الخناجر حول المصلوب وذراعيه دون أن يصيبه بأذى فيصفق له الحاضرون إعجابا بفوزه، ويأتي سواه فيفعل هذا الفعل، فإنهم كانوا يتمرنون على استعمال السلاح بهذا الشكل، ففي كل يوم يصلب واحد منهم فيرميه الباقون بالخناجر على ما تقدم.
وقد وقف اللورد والطبيب يتفرجان على هذا التمرين الخطر دون أن ينتبه لهم رجال القبيلة؛ لانهماكهم بما كانوا فيه.
أما شمشون؛ فإنه اختلط بهم، وجعل يبحث عن جان دي فرانس، فلم يره إلى أن انتبه له واحد منهم فقال له: أهذا أنت يا شمشون؟ فمتى أتيت؟
قال: الآن. فهل رأيت جان دي فرانس؟
قال: كلا؛ فإنه في كلكوتا منذ يومين.
فتنهد شمشون، وظهرت عليه علائم اليأس، وعند ذلك رمى أحد اللاعبين آخر خنجر فأسرع سواه وقال: لقد جاء دوري.
فصاح شمشون صيحة فرح؛ فقد كان هذا القادم جان نفسه، وأسرع إليه فقال له: من أين أتيت أيها الرئيس؟
قال: لا أعلم. وأظن أني أتيت من عالم القبور، ولكن اسكت الآن سنتحدث فيما بعد.
ثم أخذ الخنجر ورمى به اللوح فاخترق الخشب على قيد شعرة من أذن المصلوب.
Bog aan la aqoon