ولكنه رغم ذلك كان يعتقد أن أمه، التي ماتت في نفس الفترة، لا تزال حية، وكان كثيرا ما يقول: «يجب أن أذهب إلى البيت؛ فأمي بانتظاري!» •••
كان مفهوم القدر على مدار ألفية كاملة مفهوما أساسيا، أما اليوم فيكاد يصبح الحديث عن القدر أمرا مستهجنا؛ إذ يجب إيجاد تفسير لكل شيء. ولكن أحيانا تحدث لنا أشياء لا نقدر على تفسيرها ولا على إيقافها. فبالمصادفة يحدث شيء لأقوام، وبالمصادفة لا يحدث لآخرين، لماذا؟ يبقى ذلك لغزا.
الشوق لما عشناه وللأشخاص الذين تركونا نحيا ورحلوا. •••
في لحظة ما سيأخذ أبي نفسا لن يتبعه آخر، وهذا يشعرني بالغضب، كل هذا العناء، ولماذا؟ ثم أفكر مجددا في أن هذا الأمر فيه شيء كتب عنه جوليان جرين في يومياته وهو في سن الثمانين قائلا: إنه ليست لديه مشكلة في أنه يفقد بعض قدراته وأنه سيموت؛ فالرب يأخذ الممحاة ويمحو المكتوب على اللوح؛ كي يكتب اسمه فوقه.
على خلافي كان أبي دائما متدينا جدا، ولكن حتى في ظل المفاهيم الدنيوية يعجبني ما قال جوليان جرين عن ذلك الآخر الذي يكتب اسمه على اللوح، الأماكن التي نستخدمها يستخدمها من بعدنا آخرون، الشوارع التي نقود عبرها مركباتنا، سيمر بها غيرنا، المكان الذي بنى فيه أبي بيتا، سيسكنه أشخاص آخرون، وشخص آخر سيروي يوما القصص التي أحكيها أنا .
وبقدر ما أن هذا الترتيب عبثي وحزين، إلا أنه يبدو لي سليما. •••
قرأت في الصحيفة أن الصراصير قد نجت من تجارب أجريت على القنابل الذرية في منطقة بكيني أتول، وأنها ستبقى بعد فناء البشرية. وهذا شيء آخر سيبقى بعد أن أنتهي. كنت قد تأقلمت مع فكرة أن النبيذ والفتيات سيبقيان بعدي، ولكن أن تبقى الصراصير تستمتع بحياتها بعد موتي، فهذا يؤرقني قليلا. •••
أردت ذات مرة إحضار زجاجة نبيذ من غرفة التخزين، وكانت نافذتها نصف مفتوحة، فسمعت أبي، الذي كان يجلس بالخارج على السور الصغير مع دانيلا، يقول: «ربما يحين الوقت يوما ...» •••
لو كان البشر خالدين لكانوا أقل تأملا، ولو كان الناس أقل تأملا لكانت الحياة أقل جمالا.
لولا غرابة الحياة ووجود الموت لما كتبت قصتا «المزمار السحري» و«روميو وجوليت»، ولما كان أحد سيكتبهما أبدا. •••
Bog aan la aqoon