كان يسمي زملاءه في دار المسنين «الفقراء البؤساء، الذين لا تجتمع فيهم الرغبة والقدرة»، وأحيانا «الكسالى»، دون أن يستثني نفسه من ذلك الوصف. ولكنه كان يشعر بالراحة لوجوده بين من يشبه حالهم حاله. كان يقول أحيانا: «يوجد هنا مزيد من الكسالى. لقد جمعتهم في هذا المكان بنفسي.»
وفي مرة أخرى قال متضامنا معهم: «كلنا هنا مساكين.» ••• «أنا شخص مسالم في أرض الرب، شخص لا يقوم بقفزات كبيرة، ويغادر الحياة في النهاية.» •••
إذا أردت مقارنة أبي بشخصية من الأدب فسيخطر ببالي ليفين، الشخصية الذكورية الرئيسية في «أنا كارنينا»، ليس فقط لأن ليو تولستوي يصفه وهو يجز الحشائش بالمنجل، بل لأن هناك شيئا يجمعهما؛ ألا وهو الرغبة في جعل الأشياء تصبح أفضل. حتى اليوم ما زال أبي يتجول في حديقة دار المسنين ويقول: «توجد هنا أشياء تحتاج إلى تحسين، لقد اكتشفت ذلك بعيني الماهرتين. أعجب كيف رتبوا الأشياء هنا بهذه الطريقة. لا أفهم الميزة في ذلك، ما فعلوه لا يقنعني!»
كان أبي ينشغل كثيرا بخطط كبيرة ويقول: «لدي كثير من الأفكار، لكنها لم تعد تعبر عن نفسها.» •••
خطر ببالي شكل جيوبه المنتفخة، وأنه يوما قام بطلاء مرأب السيارات وهو محتم من الشمس بمظلة، بينما كان الجيران ينامون تحت مظلاتهم. وكثيرا كان يضع منديلا على رأسه بعد عقد أطرافه الأربعة ليحتمي من الشمس. ••• «وما هذا؟!» «هذه أشجار يا أبي.»
رفع حاجبيه وقال: «ولكنها لا تعطي الانطباع بأنها أشجار!» •••
جلسنا على أحد مقاعد الحديقة، وأخذ يراقبني باهتمام وأنا أدون بعض الملاحظات في كراسة قديمة، وأمسك لي بالكراسة حتى لا تنزلق وأنا أكتب. سألني: «كيف سارت الأمور مع أوراقك؟»
فأجبته: «الأمور تسير مع أوراقي بصورة طيبة دائما.»
فقال: «وأنا أيضا.» •••
كانت تركيبة غريبة؛ فقد كان لا يستطيع الاحتفاظ بما أعطيه له، وكنت أتمسك بكل قوة بما يعطيني إياه.
Bog aan la aqoon