Boqor Ku Jira Qaxootiga Da'da

Salax Hilaal d. 1450 AH
67

Boqor Ku Jira Qaxootiga Da'da

ملك في منفى العمر

Noocyada

استمرت تلك الحال مدة يومين، وبعدها ذهبت عني الحمى. ولا عجب في أنهم جعلوني أعمل مجددا، وكان عملي هو المشاركة في دفن الموتى. العشرة الذين ماتوا في اليوم السابق وضعوا فوق عربة بعد أن نزعت عنهم ثيابهم ووضعت فوقهم أغطية خرقة، واستخدم ثمانية من السجناء بدلا من حيوانات الجر، وهكذا كانوا يجرون العربة خلال بعض الشوارع الجانبية في بريسبورج وصولا إلى منطقة التفريغ، حيث توجد حفرة يتم إلقاء الموتى فيها. وكان علي القيام بالمهمة البغيضة؛ ألا وهي ردم الحفرة فوقهم. ولا يعرف أحد عدد الموتى الذين دفنوا هناك، ولكن على أي حال يوجد هناك كثير من القبور، هذا إذا صحت تسمية تلك الأماكن قبورا.

لم يكن في العالم الذي أتى منه أبي مثل هذه الوحدة الموحشة؛ فهناك في عالمه كان الناس يموتون في بيوتهم وسط عائلاتهم وفي حضور القس. وكان دافنو الموتى يعرفون أسماء من يدفنونهم. ربما كان هذا هو السبب الذي دفع أبي على مدار سنوات طويلة لجمع التبرعات في عيد «جميع القديسين» لصالح حركة «الصليب الأسود». عدا ذلك لم يكن أبي يلتقي بقدامى المحاربين، ولم يكن يحكي لنا ونحن أطفال أي تفاصيل. اكتفى بكتمان الأمر بينه وبين الموتى، الذين كانوا يهيمنون على منامه ويسكنون خياله ويؤثرون في إلحاح وصمت على قراراته، كدأب الأموات دائما. «نعم، اذهب أنت إلى البيت. لا يسعني إلا أن أسديك نصيحة واحدة: ابق في البيت ولا ترحل!» •••

في ليلة الإثنين كان القمر يسطع مباشرة فوق آخر شجرة صنوبر أمام غرفتي ملقيا بضوئه على سريري، وشعرت برياح قوية هبت في نصف الليل الثاني وفي الصباح، وسمعت صوت أوراق الصحف على الدرج المؤدي إلى غرفتي، بعد أن حملها الريح إلى هناك ؛ مما أزعج نومي. مع ذلك كانت الحاوية الثانية قد أخذت ونحن نيام دون أن يلحظ ذلك أحد. أغمضنا أعيننا قليلا ثم استيقظنا، فكان المكان أمام البيت قد أصبح في ضوء الشمس فارغا، وكأن شيئا لم يكن.

في الأيام التالية كنت وأمي نتخلص مع كل خروج بالسيارة من أوراق وملابس وأشياء معدنية قديمة، وبالتدريج أصبح مرأب السيارات أيضا خاليا، ولم يبق سوى بعض الأخشاب مع تلك الأشياء التي احتفظنا بها لسوق الكشافة الخيري، وكانت مقارنة بما سبق أشياء قليلة. وسافرت أمي مرة أخرى، وبقيت أنا عدة أيام، وأنا أعلم أن أبي لن يرى كثيرا من حجرات البيت مجددا أبدا؛ لأنه سيجلس في أيام الأحد وفي الأعياد في المطبخ وفي غرفة المعيشة، في حين لم تعد غرفة نومه، التي أصبحت خاوية مثل ساحة الرقص، جزءا من عالمه الجديد.

كنت أطوف كثيرا بأروقة البيت، وتعتصر قلبي حقيقة أن هناك شخصا قد بذل الكثير من الجهد ليبني مكانا كهذا يمنحنا الإحساس بالأمان والاحتواء. والآن تحطم كل شيء، الرجل والبيت والعالم. وفكرت في تأليف كتاب بعنوان «أرض حزينة بعد الهزيمة».

في ذلك الوقت مع بداية شهر سبتمبر جاء موعد الحصاد الثالث. قام إيريش، ثاني أصغر أخ لأبي، بجز الحشائش من حديقة الفاكهة بالمنجل، كل شيء كان يتم باليد، قطعة قطعة، وشعرت بارتياح لرؤيته وهو يفعل ذلك. وكانت أواخر الصيف أحب الأوقات إلى قلبي عندما كانت الأشجار الكبيرة بتفاحها أحمر الخدود وحباتها من الكمثرى الصفراء تقف بارزة وسط الحقل. وأحيانا تهب الريح فيدوي حفيف الأشجار وكأنه صوت فرقاطات، والأطفال يلعبون في حديقة الجيران، وظلال الأشجار وفروعها تكون بعد جز الحشائش المتسلقة الواضحة المعالم في ضوء الشمس المنحنية على الحقل أكثر من أي وقت آخر.

كنت أرى من طاولة مكتبي ما وراء حديقة الفاكهة وحديقة الجيران، كان العم إيريش والعمة فالتراود يعملان تقريبا كل يوم في الحقل. ذات يوم رأيت طفلا، ربما في السادسة من عمره، يسكن في البيت المجاور، ورأيته قبل ذلك عدة مرات وهو يسير خلف العم إيريش ويناديه «جدي»؛ مما كان له أثر داعم في بناء هوية ثقافية جديدة لكلا الطرفين؛ لأن المجتمع التقليدي الذي نشأ فيه أبي وإخوته كان قد تفكك. كان لا يزال هناك عمل فلاحين ولكن لم تعد هناك حياة فلاحين. ما يسمى بتغير الهياكل الاجتماعية جعل من فولفورت مجتمعا سكنيا وصناعيا. وعندما كان أحد السكان يزرع شجرة فاكهة كبيرة، كانت الإدارة المحلية تدفع له مكافأة تشجيعية؛ حتى تصبح في القرية هنا وهناك زوايا تذكر بثقافة تحتضر في هذا البلد.

كان الطفل يمشي متبخترا عبر الحقل وهو يقضم تفاحة عندما أجاب نداء طفل آخر: «كوكوكوكو! كوكوكو!»

ثم ذهب إلى طرف قطعة الأرض، حيث بني العام الماضي - في المكان الذي كانت فيه حديقة الفاكهة الخاصة بجيراننا - مبنيان جديدان. وقف الغلام يشاهد شابا وهو يؤرجح ابنته من يديها وقدميها في الحديقة الصغيرة، ثم دخل معها عبر باب الشرفة الخارجية إلى البيت الجديد، وكان هذا الشاب حفيد المرأة التي أخذ أبي غرفتها في دار المسنين بعد وفاتها. جرى الفتى إلى إيريش الذي كان يجر العربة المحملة بالقش في اتجاه البيت، وبعد ذلك بقليل أصبحت حديقة الفاكهة خالية، وظهر بريق الثمار المتبقية في الحقل على خلفية لونه الأخضر الفاتح الناعم.

وجاء المنطاد من ميناء فريدريش طائرا، واستدار فوق طرف أوبيرفيلد، كما هي عادته في الصيف عدة مرات كل يوم، عندما يكون الجو جيدا. وكان هناك صقر يحوم فوق الحقل السفلي، فهاجمه غرابان في الهواء بمنقاريهما في ظهره وجناحيه، ولكنه لم يبد مهتما بما يفعلان، أو على الأقل لم يكلفه تجنب ضرباتهما عناء كبيرا. وبهدوء انطلق نحو النهر عند بريجينتس.

Bog aan la aqoon