قرأه أولا وثانيا، ووضعه على المنضدة، ثم تناوله بيده وهو في ذهول وحيرة، فقرأه ثالثا ورابعا. ثم نهض فورا، فبادر إلى الباب، فأقفله، وعاد فرمى بنفسه على الديوان وهو يرتعش ويجهش كالطفل الرعيب.
فكأنه رأى نفسه، وهي عارية، تجلد أمامه، تجلد بسوط الضمير، وسوط الخوف، وأسواط التوبة.
ساعة من هذه الهواجس المخيفة المؤلمة، ثم وقف أمام منضدته، فكان نظره أسرع إلى الكتاب المقدس منه إلى سواه، فتناوله بيديه، وفتحه على الإلهام، فقرأ ما يلي:
أما أنتم فلا تدعوا معلمين، فإن معلمكم واحد، وأنتم جميعا إخوة. ولا تدعوا إليكم أبا على الأرض، فإن أباكم واحد هو الذي في السماوات. ولا تدعوا معلمين؛ لأن معلمكم واحد هو المسيح. (متى 23: 8، 9، 10)
أطبق الكتاب وهو يردد هذه الكلمات: «ولا تدعوا لكم أبا على الأرض، فإن أباكم واحد هو الذي في السماوات.»
ثم فتح الكتاب ثانية كما فتحه المرة الأولى، فبدت صدفة أمام عينيه هذه الكلمات:
ومتى صليت فلا تكن كالمرائين؛ فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع، وفي زوايا الشوارع؛ لكي يظهروا للناس. وأما أنت فمتى صليت، فادخل إلى مخدعك، وأغلق بابك، وصل إلى أبيك الذي في الخفاء. (متى 6: 5، 6، 7)
وبعد الكتاب المقدس قرأ للمرة السادسة أو السابعة كتاب أبي طنوس، وهو سطران لا غير:
اذكرني، يا أخي، في صلاتك إلى أبينا الذي في السماوات، وسأذكرك أنا في صلاتي.
أخوك أبو طنوس
Bog aan la aqoon