فوالذي بأذنه دعوتكم، وبأمره نصحت لكم، ما ألتمس أثرة على مؤمن، ولا ظلما لمعاهد، ولوددت أني قد حميتكم مراتع الهلكة، وهديتكم من الضلالة، ولو كنت أوقد نارا فأقذف بنفسي فيها، لا يقربني ذلك من سخط الله، زهدا في هذه الحياة الدنيا، ورغبة مني في نجاتكم، وخلاصكم، فإن أجبتمونا إلى دعوتنا كنتم السعداء والموفورين حظا ونصيبا.
عباد الله انصحوا داعي الحق، وانصروه إذا قد دعاكم لما يحييكم، ذلك بأن الكتاب يدعو إلى الله وإلى العدل والمعروف، ويزجر عن المنكر.
فقد نظرنا لكم وأردنا صلاحكم، ونحن أولى الناس بكم، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جدنا، والسابق إليه المؤمن به أبونا، وبنته سيدة النسوان أمنا، فمن نزل منكم منزلتنا؟ فسارعوا عباد الله إلى دعوة الله، ولا تنكلوا عن الحق، فبالحق يكبت عدوكم ، وتمنع حريمكم، وتأمن ساحتكم.
وذلك أنا ننزع الجائرين عن الجنود، والخزائن، والمدائن، والفيء، والغنائم، ونثبت الأمين المؤتمن، غير الراشي والمرتشي الناقض للعهد؛ فإن نظهر فهذا عهدنا، وإن نستشهد فقد نصحنا لربنا، وأدينا الحق إليه من أنفسنا، فالجنة مثوانا ومنقلبنا، فأي هذا يكره المؤمن، وفي أي هذا يرهب المسلم؟ وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ?ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما? [النساء: 107].
وإذا بدأت الخيانة، وخربت الأمانة، وعمل بالجور، فقد افتضح الوالي. فكيف يكون إماما على المؤمنين من هذا نعته وهذه صفته؟!
اللهم قد طلبنا المعذرة إليك، وقد عرفتنا أنك لا تصلح عمل المفسدين، فأنت اللهم ولينا، والحاكم فيما بيننا وبين قومنا بالحق.
Bogga 73