240

وكانت الربذة [1] على طريقنا، فخرجت امرأة طويلة ذات منطق حلو ولسان عذب، على ما بها من رثاثة الهيئة وقشف البادية، فقلت: ما الاسم؟ قالت:

مية، فسألت عن حالهم، فقالت: نحن في قانت [2] من العيش، بقنيص الظباء بشرك، فمنها قوتنا، قلت: فالصيد ليس بموثوق دوامه، ولا بمأمول انصرامه، قالت: فورق الطلح [3] نخبطه [4] ونتبلغ به، قلت: فالماء؟ فناولتني من سقاء معها زعاقا [5] يفقأ عين الطير، فرثيت لأبي ذر رحمه الله حين بلي بشربه، فقلت: أتجردون [6] ؟ فتأوهت وقالت: واخصباه، وأين الجراد، كنا نجنيه برهة ونأكل منه وندخر، وقد انقطع الآن بسوء النية وقلة الشكر.

وأحرم الناس، فرأيت [96 و] صفات المحشر، خلقا عراة حفاة يجأرون إلى الله عزت قدرته بالتلبية والبكاء والاستغفار.

ولبني هذيل من ذات عرق إلى مكة في تلك المضايق سطوة بالنبال من شعف الجبال، وبطون الأودية والرمال.

وأدينا فرائض الحج بمقتضى الكتاب والسنة، وأقبلت عساكر مصر مع القائد لمفضل المغربي، في أطهر زينة، وأقيمت الخطبة للإمام الحاكم بأمر الله [7] ، وأفيضت على الأئمة والقضاة وسدنة البيت رسومهم من الجوائز

Bogga 265