Majmuc Fatawa
مجموع الفتاوى
Daabacaha
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة
Goobta Daabacaadda
السعودية
إنَّمَا الْكَلَامُ فِي مَحَبَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِالنُّفُوسِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَهَذَا لَا شَكَّ أَنَّهُ نَقْصٌ فِي تَوْحِيدِ الْمَحَبَّةِ لِلَّهِ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى نَقْصِ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى إذْ لَوْ كَمُلَتْ مَحَبَّتُهُ لَمْ يُحِبَّ سِوَاهُ. وَلَا يَرُدُّ عَلَيْنَا الْبَابُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي مَحَبَّتِهِ. وَهَذَا مِيزَانٌ لَمْ يَجْرِ عَلَيْكَ: كُلَّمَا قَوِيَتْ مَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ صَغُرَتْ عِنْدَهُ الْمَحْبُوبَاتُ وَقَلَّتْ، وَكُلَّمَا ضَعُفَتْ كَثُرَتْ مَحْبُوبَاتُهُ وَانْتَشَرَتْ. وَكَذَا الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ كَمُلَ خَوْفُ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ لَمْ يَخَفْ شَيْئًا سِوَاهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إلَّا اللَّهَ﴾ وَإِذَا نَقَصَ خَوْفُهُ خَافَ مِنْ الْمَخْلُوقِ وَعَلَى قَدْرِ نَقْصِ الْخَوْفِ وَزِيَادَتِهِ يَكُونُ الْخَوْفُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَحَبَّةِ وَكَذَا الرَّجَاءُ وَغَيْرُهُ. فَهَذَا هُوَ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ الَّذِي لَا يَكَادُ أَحَدٌ أَنْ يَسْلَمَ مِنْهُ إلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الشِّرْكَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ. وَطَرِيقُ التَّخَلُّصِ مِنْ هَذِهِ الْآفَاتِ كُلِّهَا الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ ﷿ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ وَلَا يَحْصُلُ الْإِخْلَاصُ إلَّا بَعْدَ الزُّهْدِ وَلَا زُهْدَ إلَّا بِتَقْوَى وَالتَّقْوَى مُتَابَعَةُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.
1 / 94