235

Majmuc Fatawa

مجموع الفتاوى

Daabacaha

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

Goobta Daabacaadda

السعودية

وَأَمَّا دُعَاءُ الرَّسُولِ وَطَلَبُ الْحَوَائِجِ مِنْهُ وَطَلَبُ شَفَاعَتِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَصْدُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْقَبْرِ مَشْرُوعًا لَفَعَلَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَكَذَلِكَ السُّؤَالُ بِهِ فَكَيْفَ بِدُعَائِهِ وَسُؤَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ؟ . فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا فِي الْحِكَايَةِ الْمُنْقَطِعَةِ مِنْ قَوْلِهِ " اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ بِهِ " كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ مُخَالِفٌ لِأَقْوَالِهِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَفْعَالِهِمْ الَّتِي يَفْعَلُهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَنَقَلَهَا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ إذْ كَانَ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَسْتَقْبِلْ الْقَبْرَ لِلدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ وَيَسْتَشْفِعَ بِهِ يَقُولُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْفَعْ لِي أَوْ اُدْعُ لِي أَوْ يَشْتَكِي إلَيْهِ مَصَائِبَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا أَوْ يَطْلُبُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوْتَى مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَوْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ لَا يَرَاهُمْ أَنْ يَشْفَعُوا لَهُ أَوْ يَشْتَكِيَ إلَيْهِمْ الْمَصَائِبَ فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ فِعْلِ النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنْ مُبْتَدِعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ لَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ إذْ كَانَ يَسْمَعُ السَّلَامَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَرِيبِ وَيُبَلَّغُ سَلَامَ الْبَعِيدِ. وَقَدْ احْتَجَّ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ حيوة بْنِ شريح الْمِصْرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قسيط عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: ﴿مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ ﵇﴾ . وَعَلَى هَذَا الْحَدِيثِ اعْتَمَدَ الْأَئِمَّةُ فِي السَّلَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ قَبْرِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ

1 / 233